٣٩. ولا تَكُ مِنْ قَومٍ تَلَهَّوا بِدِيْنِهِمْ … فَتَطْعَن في أهلِ الحديثِ وتقدحُ
قولُه ﵀:(ولا تَكُ مِنْ قَومٍ تَلَهَّوا بِدِيْنِهِمْ): مرادُه: أيُها السُّنِّيُّ الطالبُ للحقِّ، لا تكن ولا تتشبَّه بقومٍ اتخذوا دينَهم لهوًا ولعبًا، كما أخبر اللهُ عن الكفار فقال تعالى: ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ [الأنعام: ٧٠]، واستغنوا بما انتحلوه من الآراء والمذاهبِ عن سنَّة رسولِ اللهِ ﷺ وطعنوا في أهل السنَّة -أهلِ الحديثِ- المُعظِّمين لسنَّةِ رسولِ اللهِ ﷺ.
والفعلُ (فَتَطْعَن): منصوبٌ بأن المضمرة وجوبًا بعد فاء السببيَّةِ.
وقولُه:(تَلَهَّوا بِدِيْنِهِمْ): أي لا يكن تَلَهِّيكَ بمذهبك ونِحْلَتِكَ وطريقتِكَ سببًا في طعنك وقدحِك في أهل الحديثِ، وفيمَن خالفَك، وهذا أيضًا موجودٌ عند المتعصبين من أهل المذاهب، يطعنون في أهل الحديثِ ويقدحون فيهم ويتنقصونهم، وموجودٌ كذلك في أهل البدعِ، مثل المعطلةِ نفاةِ الصفاتِ، فيطعنون في أهلِ السنَّةِ؛ أهلِ الحديثِ، ويعيبون تمسُّكَهم بالنصوص، وتحكيمَهم لها في إثبات ما أَثبته اللهُ لنفسه من الأسماء والصفات، وتنزيهه عن النقائص والعيوبِ، قال ابنُ القيم حول هذا المعنى في «النونية»(١):