للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٥. ولا تَكُ مُرجِيًّا لَعُوبًا بِدِينِه … ألا إنَّما المُرْجِيُّ بالدينِ يَمْزَحُ

بعد ذِكر النَّاظم لاعتقاد أهلِ السنَّةِ والجماعةِ في الإيمان، وذِكرِه لعقيدةِ الخوارج، ذكر مَنْ يُقابلهم وهم المرجئة، فالمرجئةُ ضدَّ الخوارجِ وعلى النقيض منهم، ولهذا أَتبعهم النَّاظمُ بالخوارج.

فقال: (ولا تَكُ مُرجِيًّا): مُرجيًّا بالتشديد مراعاةً للوزن، ويصلح أن تقول: مرجئًا، فباللفظين يحصل المقصودُ.

وقولُه: (مرجيًّا): من أرجأ إذا أَخَّر (١)، ويقال: مُرجي ومرجئ بالهمز، ومنه قوله تعالى: ﴿أَرْجِهْ وَأَخَاهُ﴾ [الأعراف: ١١١]؛ أي: أَخِّرْه (٢).

وقولُه: (لَعُوبًا بِدِينِه): لعوبًا: صيغُة مبالغةٍ من اللعب؛ لأنَّ الإرجاءَ يؤدِّي إلى التهاون بالدِّين.

ولهذا قال: (ألا إنَّما المُرْجِيُّ بالدينِ يَمْزَحُ)؛ أي: يلعب، والمزحُ: الدعابةُ والضحكُ والتسليةُ.

وبهذا يُعرَفُ أنَّ مذهبَ الخوارجِ على ما فيه من البدع والضلال، خيرٌ من مذهب المرجئةِ الغلاةِ الذين يقولون: لا يضرُّ مع الإيمان ذنبٌ،


(١) ينظر: لسان لعرب (١/ ٨٣)، (١٤/ ٣١١).
(٢) قرئ بالهمز وبدونه. ينظر: المبسوط في القراءات العشر (ص ٢١٢).

<<  <   >  >>