للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى كلِّ حالٍ؛ إن صحَّتْ هذه الأبياتُ عن النَّاظم فهو كما أشاد بالصحابة والتَّابعين أشادَ بالأئمة المشهورين بالعلم والدِّين، والعبادةِ والصلاحِ، وذَكر منهم: مالكًا، والشافعيَّ، وأحمدَ، والأوزاعيَّ، وسفيان الثَّوريَّ، وهؤلاء ذَكرهم على سبيل المثالِ لا على سبيل الحصرِ؛ لأنَّ هؤلاء لهم نُظراءُ، أمثال: أبي حنيفة، والليثِ بنِ سعدٍ، وسفيانَ بن عيينة، وأبي عبيد القاسم بن سلَّام، والأئمة أصحاب المصنفات؛ كالبخاري، ومسلم، وأصحابِ السُّنن، وغيرهم، وكلُّهم أئمةٌ هداةٌ ومُهتدون، وقدوةٌ صالحون، وعلماءُ عُنوا بعلم الكتاب والسنة حفظًا لدين الله؛ حملوه وعلَّموه وذَبُّوا عنه، فيجبُ الاعترافُ بفضائلهم، وما أَكرمهم اللهُ به من العلم والإمامةِ في الدِّين.

وهم متفاوتون في الفضائل، مثل الصحابةِ .

والنَّاسُ في العلماء ثلاثةُ أصنافٍ، كما أنَّهم في الصحابة كذلك:

الصنفُ الأوَّلُ: قومٌ غَلوا في العلماء، وأَفرطوا في تعظيمهم، حتى جعلوا لهم بعضَ خصائصِ النبَّوةِ، كما يقع من بعض المتعصِّبين الذين يغلون في متبوعيهم، ويجعلون أقوالَ متبوعيهم هي الحَكَم المقدَّمَةُ على قولِ كلِّ أحدٍ يُخالفها؛ فلا يقبلون من سواهم، بل النُّصوص إذا وردت تُعرض على أقوالهم، فما وافقها قَبِلوه، وما خالفها رَدُّوه، زاعمين أنَّ أئمَّتَهم أعلمُ، فلو كانت صحيحةً أو لو كانت مُحْكمةً لَمَا تركوها ولَمَا أَهملوها، وهذا الغلوُّ سبيلُ المتعصِّبين من المقلِّدين. ولا بأس في الانتساب للمذاهب الفقهية، فلا يضرُّ الانتسابُ إلى الأئمة إذا خلا عن التقليد والتعصب.

<<  <   >  >>