[الأعراف]، فذكر اللهُ التمسُّكَ، والتمسُّكُ بحبل الله يكون بالإيمان به، والعمل به تصديقًّا لأخباره، وعملًا بشرائعه.
فهذه وصيةٌ جامعةٌ عامةٌ، في كلِّ أمرٍ من الأمور، في مسائل الاعتقاد، وأحوال القلوب، وأعمال الجوارح، وفي جميع الأحوال وفي كل زمان ومكان تمسَّك بحبل الله.
الثانية؛ قوله:(واتَّبع الهدى): أي: الهدى الذي أرسل الله به رسوله، وهو العمل النافع المستمد من كتاب الله وسنة رسوله؛ قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)﴾ [التوبة]. واتِّباعُ الهدى يكون بمعرفته والعمل به، والهدى: هو ما أنزله اللهُ تعالى على رُسُلِه، وأعظَمُه وأهمُّه -وهو الذي فرضه الله علينا- اتِّباع الهدى الذي جاء به محمدٌ ﷺ، فمنذ أهبط اللهُ تعالى آدمَ ﵇ وهو ينزل على عباده الهدى الذي يهتدون به، وضَمِن لمَن اتبعه النَّجاةَ من الضَّلال والشقاء، كما قال الله تعالى: ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣)﴾ [طه].
فقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ﴾ عامٌّ، فاللهُ يُبيِّنُ طريقَ النَّجاة للبشرية من أوَّلها منذ أهبط آدم ﵇.
فكلُّ الرُّسلِ جاؤوا بالهدى من عند الله، وقد جاؤوا بالدعوة إلى التوحيد والأعمال الصالحة، والنهي عن الشرك والقبائح، فهذا هو دينُ الله الذي بعث به الرسل من أوَّلهم إلى آخرهم، وأكملُه وأعظمُه ما بعث به خاتمَ النبيين وسيدَ ولد آدم نبينا محمدًا ﷺ.