للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالنبي بلغ ما بلغ من الدرجة والمنزلة عند الله ، ومع ذلك كان أشد الأمة حرصًا على عبادة الله جل وعلا، ولم يزعم هذا الزعم الذي زعمه هؤلاء.

فالشاهد: أن المتصوفة عندهم كثير من الزَّلَّات والأخطاء التي في حقيقتها انحراف عن منهج النبوة، فهم قومٌ استدرجهم الشيطان وأوقعهم في هذه المزالق.

الشيطان استدرج بعض المتصوفة شيئًا فشيئًا حتى أوصلهم إلى هذه الحال.

فهذه المقالات هي مُحادَّة ومُعاداة لله ولرسوله ، وإذا لم تُعَظَّم- في الأمة- أوامر الله عز جل وأوامر رسوله ؛ فكيف يُعرف المستقيم من غير المستقيم؟ وكيف يُعرف الصالح من الفاسد؟ وكيف يُعرف الخير من الشر؟

فوالله إنَّ من أعظم المحادة والمعاداة لله ورسوله : أن لا يكون هناك تعظيم لأوامر الله ونواهيه.

فإذن: هذه الحال التي عليها هؤلاء هي محادَّة ومعاداة لله ورسوله ، وإن كان بعض مَنْ يقول هذه المقالات قد يجهل ذلك؛ لأنه ما عَرف من الدِّين إلا هذه المبادئ المتصوفة؛ فتَربى عليها ونشأ عليها، ولم يعرف من الدين إلا هذه الأمور، وهذه الحال التي هو عليه هي حال ضَلال؛ فنسأل الله العافية والسلامة.

فإذن: بعض هؤلاء قد يعتقد أنَّ الطريق الذي هو عليه هو طريق الرسول ، وأنَّه طريق أولياء الله ﷿ المحققين؛ وقد يعتقد أن الصلاة وغيرها من التكاليف غير واجبة عليه؛ لاستغنائه عنها بما حصل له من الأحوال القلبية.

وهذا الفكر موجود عند هؤلاء المتصوفة، وموجود كذلك عند بعض من تأثر بالفلسفة؛ فيرى أن دين الرسول هو خطاب لعَوَام الناس، ويَدَّعي أولئك المتفلسفة أن ما جاء به الرسول من أوامر ونواه هي تربية فلسفية تخص العوام، أمَّا هم فيقولون: إنهم ليسوا من العوام، وبالتالي قد وصلوا إلى المقصود، ووصلوا إلى ما يريده الرسول من الأوامر والنواهي، ولكن بطريق آخر.

وهذا الفكر قد فُتِن به-أيضًا-بعض المثقفين ممن تأثروا بالفلسفات اليونانية، أو درسوا في المدارس الغربية، ومع أن بعضهم قد بلغ مراتب عليا في الدراسات (الأكاديمية) والثقافة إلا أنه لا يصلي ولا يصوم، ولا يعظم الأمر والنهي، ويزعم أنه على الإسلام، ومن يخالط هؤلاء يجدهم على هذا الفكر، ويرى أنه مُستغن

<<  <  ج: ص:  >  >>