وقال أيضاً:"فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل.
ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية، فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا.
ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه.
ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة، وقالوا إنما قابل البدعة ببدعة ورد باطلاً بباطل" (١).
فيستفاد من كلام شيخ الإسلام المتقدم أن الألفاظ على أربعة أقسام:
القسم الأول: الألفاظ المأثورة، وهي التي وردت بها النصوص.
القسم الثاني: الألفاظ المعروفة، وهي التي بُيِّنَت معانيها.
القسم الثالث: الألفاظ المبتدعة، التي تدل على معنى باطل.
القسم الرابع: الألفاظ المبتدعة، التي تحتمل الحق والباطل.
فلفظ (بائن) هي من القسم الثاني.
ومثل هذه الألفاظ كما إنما تستعمل في باب الإخبار ولا تستعمل في باب الأسماء والصفات.
والمصنف ﵀ يسرد هذه الآثار؛ ليبين أن مذهب متأخري الأشاعرة الذين نفوا صفة العلو هو مذهب متقدمي الجهمية الذي أنكره علماء السلف، وأن ما ذكره الأئمة المتقدمون منهم من اللوازم الباطلة التي تلزم على مذهب الجهمية هي نفسها التي تلزم على مذهب متأخري الأشاعرة في نفي صفات الله تعالى؛ علمًا بأن الأشاعرة يَزعمون أنهم ضد الجهمية والمعتزلة، وينكرون عليهم أشد النكير، وقد وقعوا في شيء مما وقعوا فيه.