للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(١٠٨) «وروى عبد الله بن أحمد وغيره بأسانيدَ صِحَاحٍ عن ابن المبارك أنه قيل له: بماذا نعرف ربَّنا؟ قال: «بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ولا نقول كما تقول الجهمية: أنَّه ههنا في الأرض» (١)، وهكذا قال الإمام أحمد وغيره» (٢).

قد ذكر الإمام ابن القيم--أنَّ هذا الأثر ثابت عن ابن المبارك فقال: «روى الدارمي والحاكم والبيهقي وغيرهم بأصحِّ إسناد إلى عليِّ بن الحسن بن شقيق قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: نَعرف رَبَّنا بأنه فوق سبع سماوات، على العرش استوى، بائن من خلقه. ولا نقول كما قالت الجهمية، وفي لفظ آخر قلتُ: كيف نَعرف ربَّنا؟ قال: في السَّماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما قالت الجهمية» (٣).

قوله: «بائن من خلقه» لفظة (بائن) يراد بها إثبات العلو حقيقة، والرد على زعم من قال إن الله في كل مكان بذاته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والمقصود -هنا-أن الأئمة الكبار كانوا يمنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة، لما فيها من لبس الحق بالباطل، مع ما تُوقعه من الاشتباه والاختلاف والفتنة، بخلاف الألفاظ المأثورة، والألفاظ التي بينت معانيها، فإن ما كان مأثوراً حصلت به الألفة، وما كان معروفاً حصلت به المعرفة" (٤).


(١) رواه عبد الله بن أحمد في «السنة» (١/ ١١١، ١٧٥، ٣٠٧)، والدارمي في «النقض على المريسي» (ص ٢٣، ٢٤)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٢/ ١٦٩)، والذهبي في «العلو» (ص ١١٠).
(٢) انظر: «الرد على الجهمية» لأحمد بن حنبل (ص ١٣٥)، و «إثبات صفة العلو» لابن قدامة (ص ١٦٧)، و «العلو» للذهبي (ص ١٣٠)، و «اجتماع الجيوش الإسلامية» (٢/ ١٣٤).
(٣) انظر: «اجتماع الجيوش الإسلامية» (٢/ ١٣٤، ١٣٥).
(٤) درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>