للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بين المصنف أن التأويل يراد به ثلاثة معانٍ:

الأول: تفسير اللفظ وبيان معناه، وهذا اصطلاح السلف، وجمهور المفسرين، وهو موافق لقول من قال بالوقف على قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ (١).

الثاني: الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، وهي وقوع المخبر به في وقته الخاص إذا كان الكلام خبراً، أو امتثال ما دلَّ عليه الكلام إذا كان الكلام طلباً، وهذا اصطلاح آخر قال به السلف الصالح.

الثالث: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن بذلك، وهذا اصطلاح كثير من المتأخرين (٢).

ولفظ التأويل في القرآن يراد به:

أولاً: ما يؤول الأمر إليه، وإن كان موافقاً لمدلول اللفظ ومفهومه في الظاهر.

ثانياً: ويراد به تفسير الكلام وبيان معناه، وإن كان موافقاً له، وهو اصطلاح المفسرين المتقدمين كمجاهد وغيره.

وأما القسم الثالث الذي يراد به صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى المرجوح لدليل يقترن بذلك.

فتخصيص لفظ التأويل بهذا المعني إنما يوجد في كلام بعض المتأخرين فأما الصحابة، والتابعون لهم بإحسان، وسائر أئمة المسلمين كالأئمة الأربعة وغيرهم فلا يخصون لفظ التأويل بهذا المعني، بل يريدون المعني الأول أو الثاني.

ولهذا لما ظن طائفة من المتأخرين أن لفظ التأويل في القرآن والحديث في مثل قوله تعالي ﴿وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا﴾ آل عمران: ٧، أريد به هذا المعني الاصطلاحي الخاص، واعتقدوا أن الوقف في الآية عند قوله: ﴿وما يعلم تأويله إلا الله﴾ لزم من ذلك أن يعتقدوا أن لهذه "الآيات


(١) الآية [٧] من سورة آل عمران.
(٢) انظر: في هذه التعريفات: الفتوى الحموية ص (٧٠ - ٧١)، التدمرية ص (٩٠ - ٩٦)، الإكليل في المتشابه والتأويل، ضمن مجموع الفتاوى (١٣/ ٢٨٨ - ٢٩٤).
وللتوسع انظر: جناية التأويل الفاسد ص (٨ - ٣٠)، موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة ص (٤٨١ - ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>