للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الواقفان الذين يقفون في هذا على أحد قولين:

- قسم يقول: تجرى على ظاهرها، ومع ذلك يجوز أن يكون المراد أمراً آخر، فيجوز أحد الاعتبارين، أحد الحالين، يجوز في نفس الوقت إجراؤها على ظاهرها، ويجوز في نفس الوقت أن يكون لها معنى آخر لا يعلمه إلا الله تعالى، فهذا فرق بينه وبين الذي قبله، فالذي قبله يجزم بأنها على خلاف ظاهرها لكن يسكت عن تحديد المراد، أما هذا فيجوِّز الحالين، يجوِّز الحالين معًا وهذا في غاية التناقض لأنه جمع بين ضدين.

- وقسم أصحاب الجهل البسيط الذين يمسكون عن هذا كله، ويقولون: نحن نقرأ القرآن ولا نتجاوز قراءة النص، ونُعرض عن هذا كله، وهذا يعني لا شك أنه إعراض عن ذكر الله .

ويذكر شيخ الإسلام سبب نشوء هذه الشبهة فيقول عن المفوضة: "هم طائفة من المنتسبين إلى السنة، وأتباع السلف، تعارض عندهم المعقول والمنقول، فأعرضوا عنها جميعا بقلوبهم وعقولهم، بعد أن هالهم ما عليه أصحاب التأويل من تحريف للنصوص، وجناية على الدين فقالوا في أسماء الله وصفاته، وما جاء في ذكر الجنة والنار، والوعد والوعيد إنما هي نصوص متشابهة لا يعلم معناها إلا الله تعالى.

وهم طائفتان من حيث إثبات ظواهر النصوص ونفيها.

الأولى تقول: المراد بهذه النصوص خلاف مدلولها الظاهر، ولا يعرف أحد من الأنبياء، ولا

الملائكة، ولا الصحابة، ولا أحد من الأمة، ما أراد الله بها، كما لا يعلمون وقت الساعة.

الثانية تقول: بل تحري على ظاهرها، وتحمل عليه، ومع هذا، فلا يعلم تأويلها إلا الله تعالى فتناقضوا؛ حيث أثبتوا لها تأويلا يخالف ظاهرها، وقالوا، مع هذا بأنها تحمل على ظاهرها.

وهم أيضا طائفتان؛ من حيث علم الرسول بمعاني النصوص

الأولى تقول: إن الرسول كان يعلم معاني النصوص المتشابهة، لكنه لم يبين للناس المراد منها، ولا أوضحه إيضاحا يقطع النزاع، وهذا هو المشهور عنهم.

والثانية تقول: وهم الأكابر منهم، أن معاني هذه النصوص المتشابهة لا يعلمها إلا الله، لا الرسول، ولا جبريل، ولا أحد من الصحابة والتابعين، وعلماء الأمة.

وعند الطائفتين أن هذه النصوص إنما أنزلت للابتلاء، والمقصود منها تحصيل

<<  <  ج: ص:  >  >>