للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

نظرت إلى مظهره وإلى شكله لوجدت أن فعله يناقض قوله، وأن الإسلام في وادٍ وهو في وادٍ، فكيف مثل هذا يكون أهلًا لأن يدعو وأن يتحدث عن هذه المسائل، فهذا في ناحية الإرجاء.

ولو جئت إلى القدر فالأشاعرة جبرية؛ لأنهم يقولون بالكسب، وكسب الأشعري هذا من محالات العقول، يقولون: "محالات العقول ثلاثة: كسب الأشعري، وطفرة النظام، وأحوال بني هاشم"، فمن ضمن محالات العقول كسب الأشعري الذي هو في حقيقته القول بأن العبد مجبور على فعله ولا قدرة له ولا اختيار، ولا شك أن هذا يؤثر في عقائد الأمة عندما تنشأ الأمة على مثل هذا.

فحقيقة قول الأشاعرة في مسائل القدر هو بعينه قول الجهمية في مسألة القدر، وهو أن العبد مجبور، ويمثلون لهذا فيقولون: كشخص راكب في سفينة لا يدري إلى أين تذهب به، فمثل هذا إذا نُشئ الإنسان عليه فكيف سيكون حاله مع العمل ومع العبادة ومع الترغيب والترهيب؟

فهذه من المسائل التي هي من مسائل الخلاف في الاعتقاد بين أهل السنة وبين الأشاعرة، والمسائل في هذا كثيرة، كثيرة مدونة في كتب الاعتقاد.

فحقيقة الاختلاف بين أهل السنة والأشاعرة أن الخلاف كبير في مسائل الاعتقاد وبالأخص في المسائل الكبار، وبالأخص مع متأخري الأشاعرة؛ لأنهم أكثر قربًا إلى المعتزلة، فكثير من أفكار المعتزلة موجودة عند هؤلاء بل إنهم لو عقدت مقارنةً بين الجهمية والمعتزلة والأشاعرة لوجدت أن الأشاعرة أقرب إلى الجهمية في كثير من المسائل.

لو جئت في الإيمان، فالمعتزلي يقول: الإيمان قول واعتقاد وعمل، لكن الجهمي مثل الأشعري، والأشعري مثل الجهمي، فالجهمي يقول: إيمان المعرفة، والأشعري يقول إيمان التصديق، وهو في حقيقته قول الجهمية.

لو جئت في القدر لوجدت أن المعتزلة قدرية والجهمية جبرية، والأشاعرة كذلك جبرية، فكثير من المسائل هؤلاء الأشاعرة أقرب إلى الجهمية.

وهناك مسائل مثل مسألة الرؤية، فالأشاعرة يثبتون رؤية الله -يوم القيامة ولكن يقولون: لا في جهة ولا في مكان، يرى لا في جهة.

في مسألة كلام الله ﷿-فهم يقولون بالكلام النفسي، فيثبتون الكلام لكنهم لا يثبتون الحرف والصوت، ويثبتون أصل الكلام لكنهم يقولون إنه كلام نفسي،

<<  <  ج: ص:  >  >>