فهذا هو الواقع الذي آل إليه المجتمع الإسلامي، وكل هذا تحت سيطرة فكر الإرجاء، فهل هناك التزام في أشخاصهم وفي ذواتهم؟ هل هناك التزام في أسرهم؟ هل هناك التزام في مجتمعاتهم؟ كل هذا ضعيف إلا ما قد يأتيهم عن طريق التصوف، أما كمنهج أشعري فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فبالتالي بناءً على هذا الفكر الإرجائي، وأن الإيمان ينحصر في المعرفة والتصديق، فإنه بذلك يكفيهم في التوحيد أن يعرفوا الله تعالى ويكفيهم في الإيمان بالنبي ﷺ-أن يصدقوا بنبوته.
لكن في التطبيق لا يوجد ذكر لهذا في كتبهم، واقرأ في ذلك ما يدرَّس حتى في المختصرات التي تدرَّس في مدارسهم، وبالتالي كيف تطلب من ناشئ ينشأ على هذا الفكر؛ كيف تطلب منه التوحيد على الوجه الصحيح؟ وكيف تطلب منه تطبيق السنة على الوجه الصحيح؟ وكيف يحيا على حبها وعلى التمسك بها؟ وكيف يحرص على تعلمها؟
ولذلك تجد أن كتب السنة مثلًا لا تدرس إلا للبركة، وكثير من هذه المدارس نعم قد تضع في ضمن مقرراتها صحيح البخاري وصحيح مسلم والسنن الأربعة إلى غير ذلك، ولكن إنما هذه فقط للاطلاع والقراءة، ويبقى المنطق والفلسفة هي الأصل والمعتمد في الاعتقاد، إلا ما استثني من ذلك في قضايا البعث والنشور، وكذلك ما يتعلق بمسائل الفروض، بمسائل العبادات ومسائل العمل، مسائل العبادات والمعاملات؛ فإن هذه يأخذونها من الكتاب والسنة.
لكن مسائل الاعتقاد هي الأصل والأساس الذي على أساسه يستقيم العمل ويستقيم الفكر ويستقيم السلوك وتستقيم الأحوال كلها، وإن فسد الاعتقاد فإن هذا الفساد يظهر أثره سلبًا على أحوال الناس وعلى أفعالهم وعلى سلوكياتهم، وما ذكرناه وأشرنا إليه من ظهور الشرك وظهور البدع، وكذلك تفشي الإرجاء في كثير من الناس إنما سببه مثل هذه الأفكار.
فتأتي للواحد منهم فتقول له وتخوِّفه وتذكِّره بالجنة والنار، وتقول له: يا فلان، صلِّ الصلاة، فيقول لك: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، أنتم أناس متشدِّدون؛ لأنه نشأ على هذا الفكر وعلى هذا الفهم حتى وصل التساهل إلى حدِّ الصلاة، التي هي عمود هذا الدين؛ والتي من تركها فقد كفر.
وتجد من مثقفيهم ومفكريهم أنه يتحدث عن الإسلام ويتحمس للإسلام ودعوة الإسلام، ولكنه في حاله وفي أسرته تجد أنه على عكس وعلى خلاف ما يقول، ولو