(١٣٥)«وقال أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المتكلم، صاحب الطريقة المنسوبة إليه في الكلام، في كتابه الذي صَنَّفه في «اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين»، ذكر فرق الروافض والخوارج والمرجئة والمعتزلة وغيرهم».
ذكر المصنف-رحمه الله تعالى-هنا كلام أبي الحسن الأشعري في كتابه «مقالات الإسلاميين»، ومعلوم أن أبا الحسن الأشعري مَرَّ بثلاثة أطوار:
الطور الأول: كان على الاعتزال؛ إذ نشأ في بيت أبي علي الجبائي، وكان الجبائي شيخ المعتزلة في البصرة، وقد استمر على هذا الأمر إلى سِنِّ الأربعين، وأبو الحسن ولد عام مائتين وستين للهجرة، وتوفي ثلاثمائة وأربع وعشرين.
فهو إلى عام الثلاثمائة كان على الاعتزال.
الطور الثاني: ثم ترك الاعتزال وأخذ بقول الكلابية، واستمر على هذا فترة من الزمن.
الطور الثالث: إلى أن التقى بأبي زكريا الساجي، وهو شيخ أهل الحديث في البصرة؛ فأخذ عنه قول أهل الحديث، ثم انتقل إلى بغداد واجتمع بِمَنْ فيها من أهل الحديث، وكان هذا آخر أمره؛ أي: رجوعه إلى معتقد أهل السنة.
ولكن كما يقول شيخ الإسلام بن تيمية:«إن رجوعه كان رجوع جملة»(١)، بمعنى: أنه بقيت هناك بعض المسائل عنده هو فيها على عقيدة الكلابية، ومنها مسألة الكلام، ومنها مسألة الرؤيا، ومنها بعض المسائل في القَدَر، ولا شك أن تلك الحقب الطويلة التي مَرَّ بها كان لها أثرها عليه، ومن المتعذر أن يحيط في فترة قصيرة بمعتقد أهل السنة والجماعة.
يقول الحافظ الذهبي: "وكان معتزليًّا ثم تاب، ووافق أصحابَ الحديث في أشياء يخالفون فيها المعتزلة، ثم وافق أصحاب الحديث في أكثر ما يقولونه، وهو ما
(١) انظر: كتاب درء تعارض العقل والنقل الجزء الثاني صفحة (١٦).