للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

«إلى أن قال: ويدل على إبطال التأويل: أنَّ الصحابة ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفوها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغًا لكانوا أسبق إليه؛ لما فيه من إزالة التشبيه ورفع الشبهة».

وكلامه هنا من أجمل ما يكون؛ إذ يقول: «فلو كان التأويل سائغًا لكانوا أسبق إليه» أي لو كانت هذه التأويلات أمرًا مشروعًا لكان أولى بذلك الصحابة ومَن بعدهم من التابعين، ولسبقونا إليها.

وهنا التحدَّي لهؤلاء المعطلة بأن يأتوا بنصٍّ واحد عن السلف من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ينص على أنهم لم يحملوا هذه الصفات على ظاهرها، أو تعرضوا لتأويلها؛ فلو كان التأويل سائغًا لكانوا أسبق إليه؛ لما فيه من إزالة التشبيه ورفع الشبهة.

لأنَّ الصحابةَ هم أعرف الناس بما يجب على الله، وأدرى بمعاني هذه النصوص، فهم شاهدوا التنزيل، وهم أهل اللغة، وعندهم رسول الله يَسألونه عما أشكل عليهم، ولو كان في هذا تشبيه لبينوا ذلك، فالشبهة تختلف عند بعض الناس.

وقد قال الذهبي : «وقال القاضي أبو يعلى بعد أن ذكر حديث الجارية: الكلام في هذا الخبر في فصلين؛ أحدهما: جواز السؤال عن الله سبحانه ب (أين هو؟). والثاني: جواز الإخبار عنه بأنه في السماء، وقد أخبرنا تعالى أنه في السماء؛ فقال: ﴿أأمنتم من في السماء﴾ وهو على العرش، وسرد كلاما طويلًا … ، وكان آية في معرفة مذهب الإمام أحمد، صَنَّف التصانيف الفائقة، وتوفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وكان عالي الإسناد؛ سَمِع مِنْ علي بن عمر الحربي وطائفة، وعاش نَيِّفًا وثمانين سنة» (١).


(١) «العلو للعلي الغفار» باختصار (ص ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>