للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اعتقاد السّلف ووقع في التّفويض تارة، وفي التّأويل تارة، لذلك نراه يوافق أبا الحسن الأشعريّ في بعض مقالاته.

ومن جهة أخرى نراه أثبت صفاتٍ لم يأت النصّ الصّحيح بها، كإثبات الحدّ لله، والقعود على العرش، وأخذ بلزوم صفة النّزول فأثبت الصّعود، وغير ذلك.

يقول الشيخ أحمد القاضي في كتابه عن كتاب أبي يعلي هذا:

وقد أراد أبو يعلى إبطال طريقة أهل التأويل، وتقرير مذهب السلف في الإثبات، فوفق في تحقيق الهدف الأول، ووجهت إليه بعض الانتقادات في الثاني. وتنحصر هذه الانتقادات في رواية بعض الأحاديث الواهية واعتمادها في الدلالة على صفات الله، وشيء من التأويل والتفويض" (١). اه

قال ابن تيمية : "وقد صنّف القاضي أبو يعلى كتابه في " إبطال التأويل " ردّا لكتاب ابن فورك، وهو -وإن كان أسند الأحاديث التي ذكرها وذكر من رواها- ففيها عدّة أحاديث موضوعة، كحديث " الرّؤية عيانا ليلة المعراج "، ونحوه. وفيها أشياء عن بعض السّلف رواها بعض النّاس مرفوعةً كحديث قعود الرّسول على العرش، رواه بعض النّاس من طرق كثيرة مرفوعة وهي كلّها موضوعة، وإنّما الثّابت أنّه عن مجاهد وغيره من السّلف … ولهذا وغيرِه تكلّم رزق الله التميمي وغيره من أصحاب أحمد في تصنيف القاضي أبي يعلى لهذا الكتاب بكلام غليظ، وشنّع عليه أعداؤه بأشياء هو منها بريء كما ذكر هو ذلك في آخر الكتاب.

وما نقله عنه أبو بكر بن العربي في " العواصم " كذب عليه عن مجهول، لم يذكره أبو بكر، وهو من الكذب عليه، مع أنّ هؤلاء-وإن كانوا نقلوا عنه ما هو كذب عليه-ففي كلامه ما هو مردود نقلا وتوجيها، وفي كلامه من التّناقض من جنس ما يوجد في كلام الأشعريّ والقاضي أبي بكر الباقلاّني وأبي المعالي وأمثالهم ممّن يوافق النّفاة على نفيهم، ويشارك أهل الإثبات على وجه! يقول الجمهور: إنّه جمع بين النّقيضين … " (٢)

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية ينتقد القاضي أبي يعلى في أمور منها قوله بالتفويض فيقول: " ونوع ثالث: سمعوا الأحاديث والآثار وعظَّموا مذهب السلف، وشاركوا المتكلمين الجهمية في بعض أصولهم الباقية، ولم يكن لهم من الخبرة بالقرآن


(١) مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات ص: ٢٠٧
(٢) درء تعارض العقل والنّقل (٣/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>