(١٣٤)«وقال القاضي أبو يعلى في كتاب «إبطال التأويل»: لا يجوز رد هذه الأخبار ولا التشاغل بتأويلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله، لا تشبه صفات سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا يعتقد التشبيه فيها؛ لكن على ما روي عن الإمام أحمد وسائر الأئمة.
وذكر بعض كلام الزهري، ومكحول، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والليث، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، والأسود بن سالم، وإسحاق بن راهوية، وأبي عبيد، ومحمد بن جرير الطبري، وغيرهم في هذا الباب. وفي حكاية ألفاظهم طُول.
إلى أن قال: ويدل على إبطال التأويل: أنَّ الصحابة ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفوها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغًا لكانوا أسبق إليه؛ لما فيه من إزالة التشبيه ورفع الشبهة».
القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، القاضي أبو يعلى البغدادي الحنبلي، المعروف ب ابن الفراء. وهو أحد فقهاء الحنابلة في العصر العباسي الثاني. ولد سنة ٣٨٠ هـ وتوفي سنة ٤٥٨ هـ. والفراء نسبة إلى خياطة الفراء وبيعها. واشتهر بعد ذلك: بالقاضي أبي يعلى وله كتاب «إبطال التأويلات»، وهو مطبوع في جزأين.
وليس هو أبو يعلى الفراء ﵀، فالموصليّ هو صاحب المسند، وهو من أهل الحديث. واسمه أحمد بن علي بن المثنى بن يحيي التميمي الموصلي، واشتهر بأبي يعلى الموصلي، ولد سنة ٢١٠ هـ. حافظ، من علماء الحديث. ثقة مشهور، توفي سنة ٣٠٧ هـ.
أمّا صاحب " إبطال التّأويلات " فهو أبو يعلى الفرّاء، وهو معدود من متكلّمي أهل الإثبات، فهو بسبب انتمائه إلى مذهب أحمد ﵀ أثبت كثيرا من أسماء الله وصفاته، ولكن بحكم أنّه خاض في علم الكلام واعتمد قواعده خالف بعض قواعد