للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

" جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ " بَعْدَ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ فَيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ عَلَى نَبِيِّهِمْ وَيَتْبَعَهُ عَلَيْهِ " بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ " وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنْ كُلِّ مَغْمُوصٍ عَلَيْهِ بِالنِّفَاقِ. وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُعَلِّمَنَا نَبِيُّنَا كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى " الْخِرَاءَةَ " وَيَقُولَ: ﴿مَا تَرَكْت مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ إلَى الْجَنَّةِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ وَلَا مِنْ "شَيْءٍ يُبْعِدُكُمْ عَنْ النَّارِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ﴾ ﴿تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إلَّا هَالِكٌ﴾ ثُمَّ يَتْرُكَ الْكِتَاب الْمُنَزَّلَ عَلَيْهِ وَسُنَّتَهُ الْغَرَّاءَ مَمْلُوءَةً مِمَّا يَزْعُمُ الْخَصْمُ أَنَّ ظَاهِرَهُ تَشْبِيهٌ وَتَجْسِيمٌ وَأَنَّ اعْتِقَادَ ظَاهِرِهِ ضَلَالٌ وَهُوَ لَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَلَا يُوَضِّحُهُ وَكَيْفَ يَجُوزُ لِلسَّلَفِ أَنْ يَقُولُوا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ مَعَ أَنَّ مَعْنَاهَا الْمَجَازِيَّ هُوَ الْمُرَادُ وَهُوَ شَيْءٌ لَا يَفْهَمُهُ الْعَرَبُ حَتَّى يَكُونَ أَبْنَاءُ الْفُرْسِ وَالرُّومِ أَعْلَمُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؟

(الْمَقَامُ الرَّابِعُ): قُلْت لَهُ: أَنَا أَذْكُرُ لَك مِنْ الْأَدِلَّةِ الْجَلِيَّةِ الْقَاطِعَةِ وَالظَّاهِرَةِ مَا يُبَيِّنُ لَك أَنَّ لِلَّهِ " يَدَيْنِ " حَقِيقَةً. فَمِنْ ذَلِكَ:

• تَفْضِيلُهُ لِآدَمَ: يَسْتَوْجِبُ سُجُودَ الْمَلَائِكَةِ وَامْتِنَاعَهُمْ عَنْ التَّكَبُّرِ عَلَيْهِ؛ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ خَلَقَهُ بِقُدْرَتِهِ أَوْ بِنِعْمَتِهِ أَوْ مُجَرَّدِ إضَافَةِ خَلْقِهِ إلَيْهِ لَشَارَكَهُ فِي ذَلِكَ إبْلِيسُ وَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ.

قَالَ لِي: فَقَدْ يُضَافُ الشَّيْءُ إلَى اللَّهِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ كَقَوْلِهِ: ﴿نَاقَةُ اللَّهِ﴾ وَبَيْتُ اللَّهِ.

قُلْت لَهُ: لَا تَكُونُ الْإِضَافَةُ "تَشْرِيفًا حَتَّى يَكُونَ فِي الْمُضَافِ مَعْنًى أَفْرَدَهُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاقَةِ وَالْبَيْتِ مِنْ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ مَا تَمْتَازُ بِهِ عَلَى جَمِيعِ النُّوقِ وَالْبُيُوتِ لَمَا اسْتَحَقَّا هَذِهِ الْإِضَافَةَ وَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ فَإِضَافَةُ خَلْقِ آدَمَ إلَيْهِ أَنَّهُ خَلَقَهُ بِيَدَيْهِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ خَلَقَهُ بِيَدَيْهِ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ بِيَدَيْهِ وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ: كُنْ فَيَكُونُ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ.

• وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إذَا قَالُوا: بِيَدِهِ الْمُلْكُ أَوْ عَمِلَتْهُ يَدَاك فَهُمَا شَيْئَانِ:

(أَحَدُهُمَا) إثْبَاتُ الْيَدِ.

وَ (الثَّانِي) إضَافَةُ الْمُلْكِ وَالْعَمَلِ إلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>