فهذه مسألة فُطر الناس عليها، ولا يمكن دفعها، فقال: هذا أشهر وأعرف عند العامة والخاصة من أن يحتاج إلى هدايتهم؛ لأنه لم ينكره عليهم أحد.
ولو سألت طفلًا على فطرته، وقلت له: أين الله؟ لأجابك بفطرته النقية: الله فوق كل شيء، كذلك قال:«أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حُمل عنهم التأويل أنهم قالوا في تأويل قوله: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾: هو على العرش وعلمه في كل مكان، فالعلماء من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين فسَّروا المعية فقالوا: إن المقصود بها معية العلم، وقال: هو على عرشه وعلمه في كل مكان. وما خالفهم في ذلك مَنْ يُحتج بقوله».
فمَن أراد أن يعرف أقوال السلف فليرجع إلى أقوال المفسسرين في تفسير المعية، وقد ذكر السيوطي في «الدر المنثور» ذكر أقوال العلماء عن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين في تفسير المعية، وهذا أمرٌ واضح، فمن الذي على الحق في تفسير هذه الآية؟ هل هم السلف أم الجهمية.
وقال أبو عمر أيضًا:«أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة؛ لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك، ولا يَحُدُّون فيه صفة محصورة».
فإذًا يثبتون الصفات ولا يَدخلون في شأن الكيفية، هذا هو منهج السلف، وهذا الذي يقرِّره الإمام ابن عبد البر، وهو من أعيان القرن الخامس.
قال ابن عبد البر:«وأمَّا أهل البدع؛ الجهمية والمعتزلة كلها والخوارج: فكلهم يُنكرها، ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة، ويزعم أن مَنْ أقر بها مشبه».
أهل البدع من الجهمية والمعتزلة كلهم والإمامية من الخوارج، كلهم ينكرون الصفات.
فالجهمية والمعتزلة والإمامية من الرافضة الإمامية الاثنا عشرية، يوافقون المعتزلة في نفي الصفات، وكذلك الزيدية من الشيعة، والإباضية من الخوارج، وكذلك النجارية والكرامية، كل هؤلاء يقولون بنفي هذه الصفات عن الله تعالى، ولا يثبتونها حقيقة؛ لذا قال:«ويزعمون أن من أقرَّ بها فهو مُشَبِّه، وهم عند مَنْ أقر بها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون: بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وهم أئمة الجماعة».