للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: جهة القياس، وهذا هو اللائق بكتب النحويين؛ لأنهم إنما يتكلَّمون فيما كان مقيسًا من اللغة" (١).

وإنما كان اعتناء النحويين بالمقيس دون غيره؛ لأنه الذي يُمثِّل أصل الوضع (٢) والحقيقةَ، فهو "من صريح كلامهم" (٣) ومعهوده الذي منوطٌ بالنحوي تقريرُه في صناعته.

فـ "قصدُ النحويِّ عَقدُ القوانين فيما يمكن عقدُها فيه" (٤)، والشاذُّ وما في حُكمه لا يمكن فيه ذلك، "وإلا فلو اعتُبر هذا في كسر القواعد لاعتُبرَت الشذوذاتُ … ، فلم يَنتظم قياس، ولا تمَهَّد أصل" (٥)، ف"النادر لا حُكم له، ولا تنخرِم به الكلية المستدَل عليها" (٦).

ولو فعَلنا كنا مساوين بين الشائع المطّرد الذي هو معهود الكلام والشاذ النادر وما في حكمهما، والعربُ لم تساوِ بينهما (٧)؛ فنكون قد خالفنا العرب وهو خطأ.

وهذه "قاعدةٌ هي من المتقدِّمين على بال، ويُغلفها أكثرُ المتأخِّرين إلا مَن فهم مقاصد المتقدمين، وحذا حذوَهم، وذلك أن إثبات السماع من حيث إنه


(١) المقاصد الشافية ٦/ ٤٠٣.
(٢) تقدَّم تقرير أن نظر النحوي إلى أصل الوضع وتقريره في المقالة الأخيرة من المقدِّمات.
(٣) المقاصد الشافية ٤/ ١٨٠.
(٤) السابق، ٤/ ٤٣٨.
(٥) المقاصد الشافية ٤/ ٤٧٩.
(٦) الموافقات ٣/ ٢١٢.
(٧) المقاصد الشافية ٣/ ٤٥٧.

<<  <   >  >>