للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يضره إتمامها في أثناء الهُوِيِّ، أو بعده، فاشتراط أن يقول جميع تكبيرة الإحرام قائمًا يؤدي إلى وجوب قدر من القيام عليه، وقد سقط عنه (١).

وأما وجه القول بالتمادي والإعادة إذا نوى بها تكبيرة الركوع:

فقد صرح الإمام مالك في المدونة أنه ذهب إلى هذا من أجل مراعاة الخلاف بين قول ربيعة الرأي وقول سعيد بن المسيب.

فالأمر بالإعادة جاء مراعاة لقول ربيعة: إنها لا تجزئه.

والأمر بالتمادي جاء مراعاة لقول ابن المسيب: إنها تجزئه لئلا يبطل عملًا اخْتُلِفَ في إجزائه (٢).

وقد بين أصحاب الإمام مالك وجه قول كل واحد منهما:

فوجه قول ابن المسيب: أن الإحرام من الأقوال، فوجب أن يحمله الإمام، أصله قراءة أم القرآن، ولأن الأقوال أخف من الأفعال.

ووجه قول ربيعة: أن الإحرام فرض، كالركوع والسجود والسلام، فلم يجز أن يحمل ذلك عنه الإمام، والفرق بين الإحرام وقراءة القرآن: أن الأصل أن لا يحمل الإمام عن المأموم فرضًا، فخصت السنة أن يحمل الإمام قراءة القرآن، وبقي ما سواها من فرائض الصلاة على أصله (٣).

قال ابن رشد في المقدمات: «وقد روى ابن وهب وأشهب عن مالك أنه استحب للمأموم إذا لم يكبر للإحرام، ولا للركوع إعادة الصلاة، ولم يوجب ذلك، وقال: أرجو أن يجزئ عنه إحرام الإمام، وهو شذوذ في المذهب» (٤).

وقال القاضي عياض: «رواية ابن وهب عن مالك: أن تحريم الإمام يجزئ


(١). انظر: التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة للقاضي عياض (١/ ١٤٨)، وما بعدها.
(٢). قال مالك كما في المدونة (١/ ١٦٢): المدونة (١/ ١٦٢): «أحب له في قول سعيد: أن يمضي؛ لأني أرجو أن يجزئ عنه، وأحب له في قول ربيعة أن يعيد احتياطًا».
وانظر: شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٣٠٠).
رحم الله الإمام مالكاً كم كان يراعي خلاف العلماء في عصره.
(٣). الجامع لمسائل المدونة (٢/ ٤٦٩)، وانظر اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر (ص: ١١٨).
(٤). المقدمات الممهدات (١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>