للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ويناقش:

استدل بعض العلماء بهذا الدليل على وجوب التسبيح، ولو صح هذا التوجيه لكان يقتضي أن يكون التسبيح ركنًا؛ وليس واجبًا (١)؛

لهذا سقت هذا الدليل لمن قال: بركنية التسبيح، كما قيل في حديث: (لا صلاة لمن لم يذكر اسم الله عليه) اعترضوا على الاستدلال بهذا الحديث على وجوب التسمية، بأن الحديث لو صح لكان يقتضي ركنية التسمية، وليس وجوبها.

والفرق أن هذا الحديث ضعيف، بخلاف الاستدلال بإطلاق التسبيح على الصلاة فإنه في الكتاب والسنة.

والقول بأن التسبيح ركن من أركان الصلاة مخالف لمذهب الأئمة الأربعة، وإن كان روي عن الإمام أحمد، وهو خلاف المعتمد في المذهب.

* وأما الجواب على عن هذا الاستدلال فمن أوجه:

الوجه الأول:

سميت الصلاة تسبيحًا لما فيها من تعظيم الله تبارك وتعالى وتنزيهه، وليس المراد به التسبيح الخاص في الركوع والسجود، فلا يدخل في اصطلاح إطلاق الجزء على الكل.

قال تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِين} أي المصلين على أحد القولين، فكان هذا قبل شريعتنا.

الوجه الثاني:

قد يعكس هذا الدليل، فيقال: أطلقت السُّبْحةُ على صلاة التطوع لكونها


(١). جاء في مجموع الفتاوى (١٦/ ١١٥): «القرآن سماها تسبيحًا، فدل على وجوب التسبيح فيها، وقد بينت السنة أن محل ذلك الركوع والسجود، كما سماها الله (قرآنًا)، وقد بينت السنة أن محل ذلك القيام، وسماها (قيامًا) و (سجودًا) و (ركوعًا) وبينت السنة علة ذلك ومحله ... ».
فالقرآن والقيام والسجود والركوع كلها أركان، فما بال التسبيح يكون من الواجبات، والموجب واحد، وهو تسمية الصلاة بجزء منها، فكان مقتضى الاستدلال أن يكون التسبيح ركنًا، ولذلك إذا نسي التسبيح سهوًا، أيجبره سجود السهو، وتصح الصلاة وتخلو الصلاة منه، أم لابد من الإتيان به؛ لأنها لا تستقل الصلاة من دونه، وقد أطلق على الصلاة اسم التسبيح، كما لا تستقل الصلاة من دون القيام والركوع والسجود؟.
ولو كان ركنًا أو واجبًا لذكر في حديث المسيء صلاته، فلما أغفله من الذكر دل على سنيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>