للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يهاجر الإنسان لطلب الدنيا مباحةً تارة، ومحرمةً تارة، وإفراد ما يقصد بالهجرة من أمور الدنيا لا تنحصر فلذلك قال: "فهجرته إلى ما هاجر إليه" يعني كائنا ما كان.

وقد رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: آية ١٠] قال: كانت المرأة إذا أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - حلفها بالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله. أخرجه ابن أبي حاتم، وابن جرير، والبزار في مسنده.

وخرجه الترمذي في بعض نسخ كتابه مختصرا.

وقد روى وكيع في كتابه عن الأعمش، عن شقيق -هو أبو وائل- قال: خطب أعرابي من الحي امرأة يقال لها أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجته فكنا نسميه مهاجر أم قيس، قال: فقال عبد الله: يعني ابن مسعود: من هاجر يبتغي شيئا فهو له، وهذا السياق يقتضي أن هذا لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما كان في عهد عبد الله بن مسعود، قال: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر وتزوجها، وكنا نسميه مهاجر أم قيس،

قال ابن مسعود: من هاجر لشيء فهو له.

وقد اشتهر أن قصة مهاجر أم قيس كانت هي سبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها" وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نر لذلك أصلا يصح والله أعلم.

وسائر الأعمال كالهجرة في هذا المعنى، فصلاحها وفسادها بحسب النية الباعثة عليها كالجهاد والحج وغيرهما.