للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٢٢/ ١٧٩. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن زيد بن ثابت) رضي الله تعالى عنه، أنه (قال: أُمروا) بالبناء للمفعول، والآمر هو النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما يأتي في الحديث (أن يُسبّحوا دُبُر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، ويحمدوا ثلاثًا وثلاثين، ويُكبّروا أربعا وثلاثين) قال في "الفتح" في شرح حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عند قوله: "تسبّحون، وتَحمَدون، وتكبّرون ": كذا وقع في أكثر الأحاديث تقديم التسبيح على التحميد، وتأخير التكبير، وفي رواية ابن عجلان تقديم التكبير على التحميد خاصّة، وفيه أيضًا قول أبي صالح: "يقول: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله"، ومثله لأبي داود من حديث أم الحكم، وله من حديث أبي هريرة: "تكبّر، وتحمد، وتسبّح"، وكذا في حديث ابن عمر.

وهذا الاختلاف دالّ على أن لا ترتيب فيها، ويستأنس لذلك بقوله في حديث الباقيات الصالحات: "ولا يضرّك بأيّهنّ بدأت".

لكن يمكن أن يقال: الأولى البداءة بالتسبيح، لأنه يتضمّن نفي النقائص عن الباري سبحانه وتعالى، ثم التحميد لأنه يتضمّن إثبات الكمال له، إذ لا يلزم من نفي النقائص إثبات الكمال، ثم التكبير، إذ لا يلزم من نفي النقائص وإثبات الكمال أن لا يكون (١) هناك كبير آخر، ثم يختم بالتهليل الدّالّ على انفراده سبحانه وتعالى بجميع ذلك انتهى (٢).

(فأتى رجل) أي أتاه ملك. وفي نسخة: "فأُري" أي أراه الله ذلك (من الأنصار) بيان لـ"رجل" (في منامه) يحتمل أن يكون مصدرًا ميميًا، أي في نومه، ويحتمل أن يكون ظرفًا، أي في وقت نومه، أو محله (فقيل له) أي قال الآتي للرجل الأنصاريّ (أمركم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) بتقدير همزة الاستفهام، أي أأمركم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟.

وهذا فيه بيان القاعدة المعروفة، وهي أن الصحابي إذا قال: أُمِرنا، أو أُمِر الناسُ، أو أُمِرُوا، أو نحو ذلك يكون مرفوعًا حُكمًا، حيث إن زيدًا قال: في كلامه: "أمروا"، فبين الآتي في سؤاله أن الآمر هو النبي -صلى الله عليه وسلم-.

(أن تُسبّحوا) في تأويل المصدر مجرور بحرف جرّ محذوف قياسًا، أي أمرهم بالتسبيح، وقد تقدم نظيره غير مرّة.


(١) وقع في نسخ "الفتح" "أن يكون" والظاهر أن الصواب "أن لا يكون" بزيادة "لا".
(٢) "فتح" جـ ٢ ص ٥٩٦.