سياق ذكرهنّ، فلا يجوز إخراجهنّ في شيء منه.
واحتجّ أصحاب القول الثالث القائلون: إن آل النبي -صلى الله عليه وسلم- هم أمته وأتباعه إلى يوم القيامة بأن آل المعظّم المتبوع هم أتباعه على دينه وأمره، قريبُهم وبعيدُهم.
قالوا: واشتقاق هذه اللفظة تدلّ عليه، فإنه من آل يؤول: إذا رجع، ومرجع الأتباع إلى متبوعهم، لأنه إمامهم وموئلهم.
قالوا: ولهذا كان قوله تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: ٣٤] المراد به أتباعه، وشيعته المؤمنون به من أقاربه وغيرهم، وقوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦] المراد به أتباعه.
واحتجّوا أيضاً بأن واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- روى أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دعا حسناً وحُسيناً -رضي الله عنهما-، فأجلس كلّ واحد منهما على فخذه، وأدنى فاطمة -رضي الله عنهما- من حجره، وزوجَهَا، ثمّ لَفّ عليهم ثوبه، ثمّ قال: "اللَّهم هؤلاء أهلي"، قال واثلة: فقلت: يا رسول الله وأنا من أهلك؟ فقال: "وأنت من أهلي"، رواه البيهقي بسند جيّد.
قالوا: ومعلوم أن واثلة بن الأسقع من بني ليث بن بكر بن عبد مناة، وإنما هو من أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
واحتجّ أصحاب القول الرابع القائلون: إن آله هم الأتقياء من أمته بما رواه الطبراني في "معجمه" عن جعفر بن إلياس بن صدقة، حدثنا نعيم بن حمّاد، حدثنا نوح بن أبي مريم، عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَن آل محمد؟ فقال: "كلّ تقي"، وتلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} [الأنفال: ٣٤].
قال الطبرانيّ: لم يروه عن يحيى إلّا نوح، تفرّد به نعيم.
وقد رواه البيهقيّ من حديث عبد الله بن أحمد بن يونس، حدثنا نافع أبو هُرْمز، عن أنس … فذكره، ونوح هذا، ونافع لا يَحتَجّ بهما أحد من أهل العلم، وقد رُمِيا بالكذب.
واحتُجّ لهذا القول أيضاً بأن الله عزّ وجلّ قال لنوح عن ابنه: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: ٤٦] فأخرجه بشركه أن يكون من أهله، فعلم أنّ آل الرسول -صلى الله عليه وسلم- هم أتباعه.
وأجاب عنه الشافعي رحمه الله بجواب جيّد، وهو أن المراد أنه ليس من أهلك الذين أمرناك بحملهم، ووعدناك نجاتهم، لأن الله سبحانه قال له قبل ذلك: {احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} [هود: ٤٠] فليس ابنه من أهله الذين ضمن نجاتهم.