للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه إلى ذلك، ولَمَا عَدَلَ إلى تعليمهم كيفيّةً أخرى.

ومنها: أنه يدلّ على أن إفراد الصلاة عن التسليم لا يكره، وكذا العكس، وقد تقدّم الكلام عليه.

ومنها: أنه يدلّ على فضيلة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- من جهة ورود الأمر بها، واعتناء الصحابة -رضي الله عنهم- بالسؤال عن كيفيتها، وقد وردت أحاديث قويّة في التصريح بفضلها (١). وسيذكر المصنف رحمه الله تعالى بعضها في باب خاص بها -٥٥/ ١٢٩٥، و١٢٩٦، و١٢٩٧. وسنتكلم عليها هناك، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في بيان اختلاف أهل العلم في المراد بـ "آل محمد" -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث:

قال الإمام العلّامة ابن القيم رحمه الله تعالى: واختلف في آل النبي -صلى الله عليه وسلم- على أربعة أقوال:

فقيل: هم الذين تحرم عليهم الصدقة، وفيهم ثلاثة أقوال للعلماء:

(أحدها): أنهم بنو هاشم، وبنو المطّلب، وهذا مذهب الشافعيّ، وأحمد في رواية عنه.

(والثاني): أنهم بنو هاشم خاصّةً، وهذا مذهب أبي حنيفة، والرواية الثانية عن أحمد، واختيار ابن القاسم صاحب مالك.

(والثالث): أنهم بنو هاشم، ومن فوقهم إلى غالب، فيدخل فيهم بنو المطّلب، وبنو أمية، وبنو نوفل، ومَنْ فوقهم إلى بني غالب، وهذا اختيار أشهب من أصحاب مالك، حكاه صاحب "الجوهر" عنه، وحكاه اللخميّ في "التبصرة" عن أصبغ، ولم يحكه عن أشهب.

وهذا القول في الآل -أعني أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة- هو منصوص الشافعي، وأحمد، والأكثرين، وهو اختيار جمهور أصحاب أحمد، والشافعيّ.

(والقول الثاني):

أن آل النبي -صلى الله عليه وسلم- هم ذرّيّته، وأزواجه خاصّةً، حكاه ابن عبد البرّ في "التمهيد"، قال في باب عبد الله بن أبي بكر في شرح حديث أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه-: استدلّ قوم بهذا الحديث على أن آل محمد -صلى الله عليه وسلم- هم أزواجه، وذرّيّته خاصّة، لقوله في حديث مالك، عن


(١) راجع "الفتح" جـ ١٢ ص ٤٥٦ - ٤٥٨.