وفيه إشارة إلى أن حقّ السائل أن يتقرّب إلى المسؤول منه قبل طلب الحاجة بما يوجب له الزُّلْفَى عنده، ويتوسّل بشفيع له بين يديه، ليكون أطمعَ في الإسعاف، وأحقَّ بالإجابة، فمَن عَرَضَ السؤالَ قبل تقديم الوسيلة، فقد استعجل.
(ثم علّمهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) فيه حذف المفعول الثاني، أى آدابَ الدعاء، ولم يُبَيَّن في رواية المصنف هنا ماذا علّمهم؟، وقد بُيِّنَ في رواية الترمذي المتقدّمة، وكذا في رواية أبي داود، ولفظه: ثم دعاه، فقال له، أو لغيره:"إذا صلّى أحدكم، فليبدأ بتمجيد ربّه، والثناء عليه، ثمّ يصلّي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يدعو بما شاء".
(فسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) -بالفاء- وفي نسخة "وسمع" بالواو، والأول يفيد أن الرجل إنما سمعه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن علّمهم، وأصرح من هذا رواية الترمذي المتقدّمة، حيث قال:"ثمّ صلى رجل آخر بعد ذلك، فحمد الله" … (رجلاً يصلي) الجملة في محلّ نصب صفة لـ"رجلاً"(فمجّد الله، وحمده) وقي رواية الترمذي: "فحمد الله بما هو أهِله" … (وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ادع) فعل أمر من الدعاء (تجب) فعل مضارع مغيّر الصيغة، مجزوم على أنه جواب الأمر، كما قال ابن مالك رحمه الله تعالى:
(وسَلْ) أمر من سأل يسأل، والأصل "اسأل" بهمزة وصل، لكن خُفّف, وفيه لغة أخرى سال يسال، كخاف يخاف، وعلى هذه اللغة فالأمر "سَلْ"، ولا تخفيف فيها. أفاده الفيّومي (تعط) فعل مضارع مغيّر الصيغة مجزوم على أنه جواب الأمر، كسابقه، وفي رواية أبي داود:"ثم يدعو بما شاء".
والحديث دليل على مشروعية ما ذكر من التمجيد، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والدعاء بما شاء وهو موافق لحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وغيره، لأن أحاديث التشهد تتضمّن ما ذُكر من الحمد والثناء، وهي مبيّنة لما أجمله هذا الحديث، وسيأتي الكلام على اختلاف أهل العلم في ذلك في الباب التالي، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث فَضَالة بن عُبيد رضي الله تعالى عنه هذا صحيح.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٤٨/ ١٢٨٤ - وفي "الكبرى" -٨٣/ ١٢٠٧ - عن محمد بن سلمة، عن