مات أرسل معاوية إلى فضالة، فولّاه القضاء، فقال له: أما إني لم أَحْبُك بها، ولكنني استترت بك من النار، فاستتر منها ما استطعت.
وقال أبو الحسن المدائنيّ، وغير واحد مات سنة (٥٣)، وقيل: سنة (٦٧)، قال الحافظ المزّيّ: والصحيح الأوّل. وقال ابن حبّان في "الصحابة": سكن مصر، والشام، ومات في ولاية معاوية، وكان معاوية ممن حَمَلَ سريرَه، وقال ابن يونس: شهد فتح مصر، وولي بها البحر والقضاء لمعاوية. رضي الله تعالى عنهما.
أخرج له البخاريّ في "الأدب المفرد"، والباقون، وله في هذا الكتاب (٨) أحاديث. والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من خماسيات المصنف رحمه الله تعالى، وأن رجاله كلهم موثقون، وأنه مسلسل بالمصريين، وأن فيه رواية تابعي، عن تابعي. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن أبي هانىء) حُميد بن هانىء (أن أبا عليّ الْجنبي) عمرو بن مالك الْهَمْدَاني (حدّثه) أي أبا هانىء (أنه سمع فضالة بن عبيد) بفتح الفاء، وتخفيف الضاد المعجمة، و"عُبيد" بصيغة التصغير رضي الله تعالى عنه (يقول: سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يدعو في صلاته) وفي نسخة "في الصلاة".
ولفظ الترمذي: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعد، إذ دخل رجل، فصلى، فقال: اللَّهم اغفر لي، وارحمني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عجلت أيها المصلي، إذا صليت، فقعدت، فاحمد الله بما هو أهله، وصلّ عليّ، ثم ادعه"، قال: ثم صلى رجل آخر بعد ذلك، فحمد الله، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيها المصلي ادع تجُب". قال: هذا حديث حسن.
ورواية المصنف صريحة في كون دعاء ذلك الرجل داخلَ الصلاة.
(لم يمجّد الله) تعالى، أي لم يصفه بصفات العظمة والكبرياء, ولم يُثْن عليه بما هو أهله. وفي نسخة "لم يحمد الله" بالحاء المهملة، من الحمد (ولم يصلّ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عجلت أيها المصلي) -بفتح العين المهملة، وكسر الجيم- من باب علم، ويجوز تشديد الجيم مع الفتح، أي أسرعت إلى الدعاء، وعَرَضْتَ السؤال قبل تقديم الوسيلة من التمجيد والثناء على الله تعالى بما هو أهله، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.