للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن العرب -رحمه الله- له: هذا دليل على منع الرواية بالمعنى، واتباع اللفظ، قال: ولا شك في أن نهيه - صلى الله عليه وسلم - لعلي نَهىٌ لسواه، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخاطب الواحد، ويريد الجماعة في بيان الشرع. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: في قوله: "هذا دليل على منع الرواية بالمعنى". نظر، إذ لا يدل على المنع، وإنما غايته أن يدلّ على الأوْلَوِيَّة، فتأمل. والله أعلم.

وقال القرطبي: هذا لا يدل على خصوصيته بهذا الحكم، وإنما أخبر بكيفية ترجمة صيغة النهي الذي سمعه، وكان صيغة النهي الذي سمعه: لا تقرإ القرآن في الركوع، فحافظ حالة التبليغ على كيفية ما سمع حالة التحمل، وهذا من باب نقل الحديث بلفظه، كما سمع، ولا شك أن مثل هذا اللفظ مقصور على المخاطب من حيث اللغة، ولا يُعدَّى إلى غيره إلا بدليل من خارج، إما عامّ، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حكمي على الواحد كحكمي على الجميع" (١)، أو خاص في ذلك، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نِهُيتُ أن أقرأ القرآن راكعا، أو سجدا". انتهى (٢).

وقوله: "عن تختم الذهب" جارّ ومجرور تنازعاه الفعلان قبله، فأعمل الثاني عند البصريين لقربه، وأعمل الأول عند الكوفيين لتقدمه، قال في "الخلاصة":

إِنْ عَامِلَانِ اقْتَضَيَا فِي اسْمِ عَمَلْ … قَبْلُ فَلِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا الْعمَلْ

وَالثَّانِ أَوْلَى عِنْدَ أَهْلِ الْبَصرَهْ … وَاخْتَارَ عَكْسًا غَيْرُهُمْ ذَا أُسْرَهْ

وإضافة "تختم" إلى "الذهب" من إضافة المصدر إلى المفعول، وكذا إضافة "لبس" إلى ما بعده.

وقوله: "المفدّم".- بضم الميم، وفتح الفاء، وتشديد الدال المهملة المفتوحة، أو بضم الميم، وسكون الفاء، وفتح الدال، بصيغة اسم المفعول، كما يقتضيه صنيع "اللسان"، و"القاموس":

قال ابن منظور رحمه الله تعالى: والْمُفْدَم من الثياب: المشبع حمرةً، وقيل: هو الذي ليست حمرته شديدةً، وأحمَرُ فَذمٌ: مَشْبَع حمرةً؛ قال أبو خِرَش الهُذَلي: [من الطويل]


(١) هذا الحديث بهذا اللفظ ليس له أصل، كما قاله العراقي في تخريجه، وسئل عنه المزي، والذهبي، فأنكراه، وإنما الثابت ما أخرجه الترمذي، والنسائي من حديث أُميمة بنت رُقيقة، مرفوعًا: "إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة"، أو "مثل قولي لامرأة واحدة". قال الحافظ السخاوي: هذا من الأحاديث التي ألزم الدارقطني الشيخين بإخراجها؛ لثبوتها على شرطهما. انتهى "المقاصد الحسنة" ص ١٩٢ - ١٩٣.
(٢) انظر "زهر الربى" جـ ٢ ص ١٨٨.