ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة" فأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ، فأمر بقتل الكلاب، حتى إنه يأمر بقتل كلب الحائط الصغير، ويترك كلب الحائط الكبير.
وقيل: إنما أمر بذلك تغليظا عليهم؛ لأنهم كانوا مُولَعين به.
والأمر بقتل الكلاب كان أوّلا، ثم نسخ في غير الكلب الأسود والعقور، فقد أخرج مسلم عن جابر قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تَقْدَم من البادية بكلبها، فنقتله، ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها، وقال: "عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين، فإنه شيطان".
وعن ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب، والحدأة، والفأرة، والعقرب، والكلب العقور" رواه الجماعة إلا الترمذي، وإذا جاز للمحرم فغيره أولى.
قال القاضي عياض: ذهب كثير من العلماء إلى الأخذ بالحديث بقتل الكلاب إلا ما استثني، وهذا مذهب مالك وأصحابه، وذهب آخرون إلى جواز اقتنائها جميعا، ونسخ قتلها إلا الأسود البهيم، قال: وعندي أن النهي أوّلا كان نهيا عاما عن اقتنائها جميعا، والأمر بقتلها جميعًا، ثم نهى عن قتل ما عدا الأسود، ومنع الاقتناء في جميعها إلا المستثنى، ونقل النووي عن إمام الحرمين أن الأمر بقتل الأسود البهيم كان في الابتداء وهو الآن منسوخ. اهـ المنهل جـ ١ / ص ٢٦٣.
(ورخص) أي سَهَّل ويسَّر، يقال: رخص الشرع لنا في كذا ترخيصا، وأرخص إرخاصا: إذا يسره وسهله، والرخصة، وزان غُرْفَة، وتضم خاؤه للإتباع جمعه رُخَص مثل غُرَف: التسهيل في الأمر والتيسير. أفاده في المصباح.