للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قبلها همزة. فإنه صارف للنهي عن التحريم إلى التنزيه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسأله الخامسة: في اختلاف العلماء في متعلق الذمّ من قوله: "بئس": قال في الفتح: واختلف في متعلق الذم من قوله: "بئس" على أوجه:

الأول: قيل هو على نسبة الإنسان إلى نفسه النسيان، وهو لا صنع له فيه، فإذا نسبه إلى نفسه أوهم أنه انفرد بفعله، فكان ينبغي أن يقول: أنسيت، أو نُسّيت -بالتثقيل- على البناء للمجهول فيهما، أي إن الله هو الذي أنساني، كما قال: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧]، وقال: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: ٦٤]، وبهذا الوجه جزم ابن بطال، فقال: أراد أن يجري على ألسن العباد نسبة الأفعال إلى خالقها، لما في ذلك من الإقرار له بالعبودية، والاستسلام لقدرته، وذلك أولى من نسبة الأفعال إلى مكتسبها مع أن نسبتها إلى مكتسبها جائز بدليل الكتاب والسنة، ثم ذكر الحديث الآتي في [باب نسيان القرآن] (١)، قال: وقد أضاف موسى عليه السلام النسيان مرة إلى نفسه، ومرة إلى الشيطان، فقال: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف: ٦٣]، ولكل إضافة منها معنى صحيح،


(١) الظاهر أنه أراد حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يقرأ في سورة بالليل، فقال: "يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا، كنت أنسيتها من سورة كذًا"، وفي رواية الإسماعيلي: "نَسِيتها".