المصلي، وما لم تتعلق فيه إساءته من واجبات الصلاة، وهذا يدل على أنه لم يقصر المقصود على ما وقعت فيه الإساءة فقط.
فإذا تقرر هذا فكل موضع اختلف الفقهاء في وجوبه، وكان مذكورًا في هذا الحديث فلنا أن نتمسك في وجوبه، وكل موضع اختلفوا في وجوبه، ولم يكن مذكورًا في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في عدم وجوبه، لكونه غير مذكور في هذا الحديث على ما تقدم من كونه موضع تعليم، وقد ظهرت قرينة مع ذلك على قصد ذكر الواجبات، وكل موضع اختلف في تحريمه (١) فلنا أن نستدل بهذا الحديث على عدم تحريمه، لأنه لو حرم لوجب التلبس بضده، فإن النهي عن الشيء أمر بأحد أضداده، ولو كان التلبس بالضد واجبًا لذكر ذلك على ما قررناه. فصار من لوازم النهي الأمرُ بالضد، ومن الأمر بالضد ذكره في الحديث على ما قررناه، فإذا انتفى ذكره -أعني الأمر بالتلبس بالضد- انتفى ملزومه، وهو الأمر بالضد، وإذا انتفى الأمر بالضد انتفى ملزومه، وهو النهي عن ذلك الشيء.
فهذه الثلاث الطرق يمكن الاستدلال بها على شيء كثير من المسائل المتعلقة بالصلاة، إلا أن على طالب التحقيق في هذا ثلاثَ وظائف:
أحدها: أن يجمع طرق هذا الحديث، ويحصي الأمور المذكورة فيه، ويأخذ بالزائد، فالزائد، فإن الأخذ بالزائد واجب.
(١) أي في تحريم فعله في الصلاة. اهـ العدة جـ ٢ ص ٣٦١.