المذكور بمعنى نفي الكمال؛ إذ لو كان بمعنى نفي الصحة لم يكن فرق بين المقالتين، ولَمَا كانت هذه أهون عليهم.
ولا يخفاك أن الحجة في الذي جاءنا عن الشارع من قوله وفعله وتقريره، لا في فهم بعض الصحابة، سلمنا أن فهمهم حجة لكونهم أعرف بمقاصد الشارع، فنحن نقول بموجب ما فهموه، ونسلم أن بين الحالتين تفاوتًا، ولكن ذلك التفاوت من جهة أن من أتى ببعض واجبات الصلاة، فقد فعل خيرًا من قيام وذكر وتلاوة، وإنما يؤمر بالإعادة لدفع عقوبة ما ترك، وترك الواجب سبب للعقاب، فإذا كان يعاقب بسبب ترك البعض لزمه أن يفعله إن أمكن فعله وحده، وإلا فعله مع غيره، والصلاة لا يمكن فعل المتروك منها إلا بفعل جميعها، وقد أجاب بمعنى هذا الجواب الحافظ ابن تيمية حفيد المصنف (١)، وهو حسن.
ثم إنا نقول: غاية ما ينتهض له دعوى مَن قال: إن نفي التمام بمعنى نفي الكمال هو عدم الشرطية، لا عدم الوجوب، لأن المجيء بالصلاة تامة كاملة واجب، وما أحسن ما قاله ابن تيمية في المقام، ولفظه: ومن قال من الفقهاء: إن هذا لنفي الكمال. قيل: إن أردت الكمال المستحب فهذا باطل لوجهين: