وفي الباب أحاديث كثيرة تدلّ على تعين لفظ التكبير من قوله -صلى الله عليه وسلم- وفعله. وعلى هذا فالحديث يدل على وجوب التكبير.
وقد اختلف في حكمه، فقال الحافظ: إنه ركن عند الجمهور، وقيل: شرط وهو عند الحنفية، ووجه عند الشافعي، وسنة عند الزهري. قال ابن المنذر: ولم يقل به أحد غيره. وروي عن سعيد بن المسيب، والأوزاعي، ومالك، ولم يثبت عن أحد منهم تصريحًا، وإنما قالوا فيمن أدرك الإمام راكعًا: يجزيه تكبيرة الركوع. قال الحافظ: نعم نقله الكرخي من الحنفية عن ابن علية (١)، وأبي بكر الأصم، ومخالفتهما للجمهور كثيرة.
وذهب إلى الوجوب جماعة من السلف، قال في البحر: إنه فرض، إلا عن نفاة الأذكار، والزهريِّ. ويدل على وجوبه ما في حديث المسيء عند مسلم وغيره من حديث أبي هريرة بلفظ:"فإذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر"، وعند الجماعة من حديثه بلفظ:"إذا قمت إلى الصلاة فكبر"، وقد تقرر أن حديث المسيء هو المرجع في معرفة واجبات الصلاة، وأن كل ما هو مذكور فيه واجب، وما خرج عنه، وقامت عليه أدلة تدل على وجوبه، ففيه خلاف
(١) الظاهر أنه إبراهيم بن إسماعيل، لا إسماعيل بن علية، بل ولده، وقال عنه الذهبي في الميزان: إبراهيم بن إسماعيل بن علية، جهمي هالك، كان يناظر، ويقول بخلق القرآن. مات سنة ٢١٨.