وكأنه أراد اتفاق من لا يحتج بالمرسل، وأما الذين يحتجون بالمرسل، فإن أكثرهم يحتجون بخبر المدلس، كما صرح به الخطيب في الكفاية.
وإذا تقرر أنه لا يصح مرفوعاً، وإنما يصح عن ابن مسعود من قوله، فالأحاديث الصحيحة المرفوعة دالّة على أن الاثنين يقفان صفًا خلف الإمام.
من ذلك في الصحيحين حديث أنس رضي الله عنه:"صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم-". ولمسلم من حديث جابر رضي الله عنه:"قام النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جَبَّار بن صخر، فقام عن يسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخذ بأيدينا جميعاً، فدفعنا حتى أقامنا خلفه".
وللشيخين أيضاً من حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه:"فغدا عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعه أبو بكر، فاستأذنا، فأذن لهما، فما جلس حتى قال: أين تحب أن أصلي في منزلك، فأشرت له إلى ناحية، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصفنا خلفه (١)، فصلى بنا ركعتين" … الحديث.
(١) قال الجامع: هذا الحديث ليس فيه أن الذين صلوا خلفه -صلى الله عليه وسلم- رجلان فقط، بل الظاهر أنهم كانوا أكثر، كما يدل عليه بعض الروايات، فالاستدلال به لهذه المسألة غير واضح، فتدبر. والله أعلم.