قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله ولي الدين؛ من أن الأولى التعليل بالافتتان، لا بأن صوت المرأة عورة هو الصحيح لعدم نص صريح في كون صوت المرأة عورة، بل الأدلة على خلافه، فقد كانت الصحابيات يرفعن أصواتهن، وهن في صفوف النساء، فيسألن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسائل، والصحابة يستمعون، وكذلك في عهد الخلفاء الراشدين، وكان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألون أمهات المؤمنين، وغيرهن من الصحابيات رضي الله عنهن عن أشياء، فيجبن، رافعات أصواتهن. وهذا لا ينكره من مارس كتب السنة، ولو ذكرت تفاصيل ما ثبت من هذا لطال عليّ الكتاب.
والحاصل أن صوت المرأة ليس بعورة، لكن إن خِيفَ الافتتانُ يحرم سماعه. والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الخامسة عشرة: أخذ بعض أهل العلم من هذا الحديث أنه لا يجوز للرجل التصفيق باليدين مطلقاً؛ لا في الصلاة، ولا في غيرها؛ لكونه جعل التصفيق للنساء، لكنه محمول على حالة الصلاة؛ بدليل تقييده بذلك في رواية مسلم، وغيره، كما تقدم. ومقتضى قاعدة من يأخذ بالمطلق -وهم الحنابلة، والظاهرية- عدم جوازه مطلقاً، ومتى كان في تصفيق الرجل تشبه بالنساء، فيدخل في الأحاديث الواردة في ذم المتشبهين من الرجال بالنساء، ولكن ذلك إنما يأتي في ضرب بطن إحدى اليدين على بطن الأخرى، ولا يتأتى في مطلق