واستبعد ابن العربي ذلك في "القبس" وقال: المراد بالمقاتلة المدافعة.
وأغرب الباجي، فقال: يحتمل أن يكون المراد بالمقاتلة اللعن، أو التعنيف. وتعقب بأنه يستلزم التكلم في الصلاة، وهو مبطل، بخلاف الفعل اليسير. ويمكن أن يكون أراد أنه يلعنه داعياً، لا مخاطباً، لكن فعل الصحابي يخالفه، وهو أدرى بالمراد. وقد رواه الإسماعيلي بلفظ:"فإن أبى فليجعل يده في صدره، ويدفعه" وهو صريح في الدفع باليد.
ونقل البيهقي رحمه الله عن الشافعي رحمه الله أن المراد بالمقاتلة، دفع أشد من الدفع الأول.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:"لا تدع أحداً يمر بين يديك، وأنت تصلي، فإن أبى إلا أن تقاتله فقاتله". وهذا يقتضي أن المقاتلة إنما تشرع إذا تعينت في دفعه. قال الحافظ: وبنحوه صرح أصحابنا -يعني الشافعية- فقالوا: يرده بأسهل الوجوه، فإن أبى فبأشد، ولو أدى إلى قتله. فلو قتل، فلا شيء عليه؛ لأن الشارع أباح له مقاتلته، والمقاتلة المباحة لا ضمان فيها.
ونقل عياض وغيره أن عندهم -يعني المالكية- خلافاً في وجوب الدية في هذه الحالة. ونقل ابن بطال وغيره الاتفاق على أنه لا يجوز له المشي من مكانه ليدفعه، ولا العمل الكثير في مدافعته؛ لأن ذلك أشد في الصلاة من المرور.