قال في "الفتح" جـ ٨ ص ٤٦٠: وعند ابن عائذ في المغازي: "فأعرض عنه، فقال: يا نبي الله لِمَ تُعرِض عني؟ فوالله ما نافقت، ولا ارتبت، ولا بدلت، قال: فما خلفك"؟.
والظاهر أنه ما رد عليه السلام، ففيه مشروعية عدم رد السلام على العاصي، زجرًا له وعقوبة.
(ثم قال: تعال) فعل أمر من تَعَالى، يَتَعالى، تَعَالِيًا: إذا ارتفع. وأصله -كما قال الفيومي- أن الرجل العالي كان ينادي السافل، فيقول: تعالَ، ثم كثر في كلامهم حتى استعمل بمعنى "هَلُمَّ" مطلقًا، سواء كان موضع المدعوّ أعلى، أو أسفل، أو مساويًا، فهو في الأصل لمعنى خاص، ثم استعمل في معنى عام، ويتصل به الضمائر باقيًا على فتحه، فيقال: تعالَوْا، تعالَيا، تعالَين، وربما ضمت اللام مع جمع المذكر السالم، وكسرت مع المؤنثة.
(فجئت حتى جلست بين يديه) أخذ منه المصنف رحمه الله أنه جلس بلا صلاة، وهو وإن كان يحتمل أنه صلى قبل الجلوس، إلا أن الأول أظهر الاحتمالين بقرينة أنه وصف مجيئه، وسلامه على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجلوسه بين يديه، ووصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- حين دخل المسجد ركعتين، فَتَرْكُه لذكر تحية المسجد مما يقوي احتمال أنه جلس بدون صلاة، فيكون من جملة صوارف الأمر في قوله:"فليركع ركعتين قبل أن يجلس" إلى الاستحباب. والله أعلم.