للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

نواسخ الابتداء، ترفع الاسم، وتنصب الخبر، ومعناها في الأصل اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارًا، وهي هنا بمعنى يصير، كما في قوله تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: ٥٨]، وقيل: بمعنى يبقى، ويدوم، وإن نافية، ويدل على ذلك قوله في رواية البخاري "لا يدري" وفي رواية مسلم "ما يدري" والثلاثة حروف نفي.

وقال ابن عبد البر: الرواية في "أن" ها هنا عند أكثرهم بالفتح، فيكون حينئذ لا يدري، وكذلك رواه جماعة عن مالك حتى يظل لا

يدري كم صلى"، ومن رواها بكسر الهمزة، فمعناه: ما يدري كم صلى، وإن بمعنى "ما" كثير. انتهى.

واعترضه بعضهم، فقال: وهذا غير صحيح، لأن "أن" لا تكون نفيًا، ولا أعلم أحدًا من النحويين حكى ذلك، والوجه في هذه الرواية "أنْ يدري" بفتح الياء من "يدري"، وتكون "أن" هي الناصبة للفعل، ويكون "يضل" بضاد غير مشالة، من الضلال الذي هو الحيرة، كما يقال: ضل عن الطريق، فكأنه قال: يَحَارُ الرجلُ، ويَذْهَلُ عن أن يدري كم صلى، فتكون أن في موضع نصب بسقوط حرف الجر، ويجوز أن يكون من الضلال الذي يراد به الخطأ، فتكون الضاد مكسورة، كقوله: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: ٥٢] وتكون أن في موضع نصب على المفعولية "لضَلَّ"، لأن ضل التي بمعنى أخطأ لا يحتاج تعديها إلى حرف الجر، قال طرفة [من الطويل]:

وَكَيْفَ يَضِلُّ القَصْدَ وَالحَقُّ وَاضِحٌ … وَلِلْحَقِّ بَيْنَ الصَّالِحِينَ سَبِيلٌ