للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حكما على الخبر الذي لَفْظُهُ: "لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ" ثم جاء الخبران اللذان ذكرنا بزيادة، وعموم على الآيتين والخبر المذكور، فدخل في هذين الخبرين: الصحيح المقيم إذا لم يجد الماء، وكلام الله تعالى وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - فرض جمع بعضه إلى بعض، وكله من عند الله تعالى. وقولنا هذا هو قول مالك، وسفيان، والليث.

وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يتيمم الحاضر، لكن إن لم يقدر على الماء إلا حتى يفوت الوقت تيمم، صلى، ثم أعاد، ولابد إذا وجد الماء، وقال زفر: لا يتيمم الصحيح في الحضر البَتَّة، وإن خرج الوقت، لكن يصبر حتى يخرج الوقت ويجد الماء، فيصلي حينئذ. قال أبو محمَّد بن حزم رحمه الله: أما قول أبي حنيفة والشافعي فظاهر الفساد, لأنه لا يخلو أمْرُهُمَا له بالتيمم من أن يكونا أمراه بصلاة هي فرض الله تعالى عليه، أو بصلاة لم يفرضها عليه، ولا سبيل إلى قسم ثالث، فإن قال مقلدهما: أمراه بصلاة هي فرض عليه، قلنا: فَلمَ يُعيدُها بعد الوقت إن كان قد أدَّى فرضه؟ وإن قالوا: بل أمراه بصلاة ليست فرضا عليه، أقرَّا بأنهما ألزماه ما لا يلزمه، وهذا خطأ.

وأما قول زفر فخطأ, لأنه أسقط فرض الله تعالى في الصلاة في الوقت الذي أمر الله تعالى بأدائها فيه، وألزمه إيّاها في الوقت الذي حرم الله تعالى تأخيرها إليه.

قال أبو محمَّد: والصلاة فرض معلق محدود، والتأكيد فيها أعظم من أن يجهله مسلم، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" فوجدنا هذا الذي حضرته الصلاة هو مأمور بالوضوء وبالغسل إن كان جنبا، وبالصلاة، فهذا عجز عن الغسل والوضوء سقطا

عنه، وقد نصَّ عليه السلام على أن الأرض طهورٌ إذا لم يجد الماء وهو غير قادر عليه، فهو باق عليه، وهو قادر على الصلاة، فهي باقية عليه، وهذا بَيِّنٌ والحمد لله رب العالمين.