بالأمر به بعضا دون بعض، فيكون ذلك قرينة صارفة للأمر إلى الندب.
وأما وجوبه على من أجنب فللأدلة القاضية بوجوبه، لأنها لم تفرق بين كافر، ومسلم.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى وجوبه على من أجنب، ولم يغتسل حال كفره، فإن اغتسل لا يجب، ولا يصح قياسه على الصلاة، والزكاة لأنهما لا يصحان بدون النية، بخلاف اغتساله، لأن الماء مطهر بنفسه فلا يحتاج إلى النية.
وذهب المنصور بالله إلى استحبابه مطلقا، وإن لم يغتسل من جنابة أصابته في كفره، لحديث "الإسلام يَجُبُّ ما قبله".
قال الجامع عفا الله عنه: أرجح المذاهب عندي مذهب من قال بالإستحباب إذ لو كان واجبا لما خَصَّ به بعض من أسلم، ولو أمر به الكل لنقل إلينا نقلا مشتهرًا، ومعلوم انتشار الإسلام في الناس، ولكن لم يحفظ عن كل من أسلم أنه أمر بالاغتسال لا في عهد النبوة، ولا بعدها إلا عن طائفة قليلة. فدل على الاستحباب. والله أعلم.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب".