جاء:"أنه كلما نُزعت ثمرة عاد مكانها مثلها"، ورُوي "مثلاها"، فهي لا تنقص أبدا، ويشهد لذلك قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي خطبة الكسوف:"ورأيت الجنة، فتناولت منها عنقودا, ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا"، أخرجاه فِي "الصحيحين" منْ حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما، وخرجه الإِمام أحمد منْ حديث جابر، ولفظه:"ولو أتيتكم به لأكل منه منْ بين السماء والأرض، لا ينقصونه شيئا"(١).
وهكذا لحم الطير الذي يأكله أهل الجنة، يستخلف، ويعود كما كَانَ حيا، لا ينقص منه شيء، وَقَدْ روي هَذَا الْحَدِيث عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ وجوه فيها ضعف، وقاله كعب. وروي أيضاً عن أبي أمامة الباهلي منْ قوله، قَالَ أبو أمامة: وكذلك الشراب يشرب منه حَتَّى تنتهي نفسه، ثم يعود مكانه. ورُئي بعض العلماء الصالحين بعد موته بمدة فِي المنام، فَقَالَ: ما أكلت منذ فارقتكم إلا بعض فرخ، أما علمتم أن طعام الجنة لا ينفد.
وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْحَدِيث الذي أخرجه الترمذيّ، وابن ماجه السببُ الذي لأجله لا ينقص ما عند الله بالعطاء، بقوله:"ذلك بأني جواد واجد ماجد، أفعل ما أريد، عطائي كلام، وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذ أردت أن أقول له: كن فيكون"، وهذا مثل قوله تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: ٨٢]، وقوله تعالى:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[النحل: ٤٠]. وفي "مسند البزار" بإسناد فيه نظر، منْ حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"خزائن الله الكلام، فإذا أراد الله شيئاً قَالَ له: كن فكان". فهو سبحانه إذا أراد شيئاً منْ عطاء, أو عذاب، أو غير ذلك قَالَ له: كن فيكون، فكيف يتصور أن ينقص هَذَا، وكذلك إذا أراد أن يخلق شيئاً قَالَ له: كن فيكون، كما قَالَ:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران: ٥٩].
وفي بعض الآثار الإسرائيلية: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام: "يا موسى لا تخافن غيري، ما دام لي السلطان، وسلطاني دائم لا ينقطع، يا موسى لا تهتمن برزقي أبدا، ما دامت خزائني مملوءة، وخزائني مملوءة لا تفنى أبدا، يا موسى لا تأنس بغيري، ما وجدتني أنيسا لك، متى طلبتني وجدتني، يا موسى لا تأمن مكري ما لم تجز الصراط إلى الجنة". وَقَالَ بعضهم [منْ البسيط]: