للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

زائدا عَلَى ذلك بالعمل الخالص. انتهى "فتح" ١٤/ ٤٢٧ "كتاب التعبير" بزيادة منْ "المفهم" ١/ ٢٥٣ - ٢٥٤.

وَقَالَ الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى: وإنما فسّر القمُص فِي المنام بالدين؛ لأن الدين، والإسلام، والتقوى كلُّ هذه توصف بأنها لباسٌ، قَالَ تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: ٢٦]، وَقَالَ أبو الدرداء: الإيمان كالقميص يلبسه الإنسان تارةً، وينزعه أخرى، وفي الْحَدِيث: "لا يزني الزاني حين يزني، وهو مؤمن، ينزع منه سربال الإيمان" (١). وَقَالَ النابغة [منْ البسيط]:

الْحَمْدُ لِلهِ إِذْ لَمْ يَأْتِنِي أَجَلى … حَتَّى اكْتَسَيْتُ مِنَ الإِسْلَامِ سِرْبَالَا

وَقَالَ أبو العتاهية [منْ الطويل]:

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَلْبَسْ ثِيَابًا مِنَ التُّقَى … تَقَلَّبَ عُرْيَانًا وَإِنْ كَانَ كَاسِيَا

فهذه كلها كسوة الباطن، وهو الروح، وهو زينة لها، كما فِي حديث عمّار -رضي الله عنه-: "اللَّهمّ زيّنّا بزينة الإيمان" (٢)، كما أن الرياش زينة للجسد، وكسوة له، قَالَ تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: ٢٦]، ومن هنا قَالَ مجاهد، والشعبيّ، وقتادة، والضحّاك، والنخعيّ، والزهريّ، وغيرهم فِي قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدّثّر: ٤]: إن المعنى طهّر نفسك منْ الذنوب. وَقَالَ سعيد بن جُبير: وقلبك فطهّر، وقريبٌ منه قول منْ قَالَ: وعملك فأصلح، رُوي عن مجاهد، وأبي روق، والضحّاك. وعن الحسن، ومحمد بن كعب القرظيّ، قالا: خُلُقك حسنه. فكنى بالثياب عن الأعمال، وهي منْ الدين، والتقوى، والإيمان، والإسلام، وتطهيره إصلاحه، وتخليصه منْ المفسدات له، وبذلك تحصل طهارة النفس، والقلب، والنية، وبه يحصل حسن الخلق؛ لأن الدين هو الطاعات التي تصير عادة، ودَيدَنًا، وخُلُقًا، قَالَ تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]، وفسّره ابن عبّاس بالدين. انتهى "شرح البخاريّ لابن رَجَب" ١/ ٩٩ - ١٠١. وهو بحث نفيس والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:


(١) متَّفقٌ عليه دون قوله: "ينزع منه سربال الإيمان" وانظر "تعظيم قدر الصلاة" ١/ ٤٩٢ - ٤٩٦.
(٢) "المسند" ٤/ ٢٦٤ وتقدم فِي "المجتبى" "تاب الصلاة" ٦٢/ ١٣٠٥.