للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحد شيء؛ لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]، وقوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النِّساء: ١٦٥]، وغير ذلك منْ الآيات، فمن زعم أن دعوة رسل الله عليهم الصلاة والسلام، إنما كانت لبيان الفروع، لزمه أن يجعل العقل هو الداعي إلى الله، دون الرسول، ويلزمه أن وجود الرسول وعدمه بالنسبة إلى الدعاء إلى الله سواء، وكفى بهذا ضلالا، ونحن لا ننكر أن العقل يرشد إلى التوحيد، وإنما ننكر أنه يستقل بإيجاب ذلك، حَتَّى لا يصح إسلام إلا بطريقه، مع قطع النظر عن السمعيات؛ لكون ذلك خلاف ما دلت عليه آيات الكتاب، والأحاديث الصحيحة، التي تواترت، ولو بالطريق المعنويّ، ولو كَانَ كما يقول أولئك، لبطلت السمعيات، التي لا مجال للعقل فيها، أو أكثرها، بل يجب الإيمان بما ثبت منْ السمعيات، فإن عقلناه فبتوفيق الله، وإلا اكتفينا باعتقاد حقيته، عَلَى وفق مراد الله سبحانه وتعالى. انتهى.

ويؤيد كلامه ما أخرجه أبو داود، عن ابن عباس، أن رجلا قَالَ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أَنْشُدُك الله، آلله أرسلك أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأن ندع اللات والعزى، قَالَ: نعم، فأسلم، وأصله فِي "الصحيحين" فِي قصة ضمام بن ثعلبة، وفي حديث عمرو بن عَبَسَةَ عند مسلم أنه أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: ما أنت؟ قَالَ: "نبي الله"، قلت: آلله أرسلك؟ قَالَ: "نعم"، قلت: بأي شيء؟ قَالَ: "أوحد الله لا أشرك به شيئا … " الْحَدِيث، وفي حديث أسامة بن زيد، فِي قصة قتله الذي قَالَ: لا إله إلا الله، فأنكر عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وحديث المقداد فِي معناه، وَقَدْ تقدما فِي "كتاب الديات"، وفي كتب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل، وكسرى، وغيرهما منْ الملوك، يدعوهم إلى التوحيد، إلى غير ذلك منْ الأخبار المتواترة التواتر المعنوي، الدال عَلَى أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يزد فِي دعائه المشركين، عَلَى أن يؤمنوا بالله وحده، ويصدقوه فيما جاء به عنه، فمن فعل ذلك قبِلَ منه، سواء كَانَ إذعانه عن تقدم نظر، أم لا، ومن توقف منهم، نَبَّهَه حينئذ عَلَى النظر، أو أقام عليه الحجة إلى أن يُذعِن أو يستمرّ عَلَى عناده.

وَقَالَ البيهقي فِي "كتاب الاعتقاد": سلك بعض أئمتنا فِي إثبات الصانع، وحدوث العالم طريق الاستدلال، يمعجزات الرسالة، فإنها أصل فِي وجوب قبول ما دعا إليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعلى هَذَا الوَجه وقع إيمان الذين استجابوا للرسل، ثم ذكر قصة النجاشي، وقول جعفر بن أبي طالب له: بعث الله إلينا رسولا، نعرف صدقه، فدعانا إلى الله، وتلا علينا تنزيلا منْ الله، لا لِشبهه شيء، فصدقناه، وعرفنا أن الذي جاء به الحق … الْحَدِيث بطوله، وَقَدْ أخرجه ابن خزيمة فِي "كتاب الزكاة" منْ "صحيحه" منْ رواية ابن