للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بتحريم بيع أمهات الأولاد، أو الاستهانة بالأحكام الشرعية.

[فإن قيل]: هذه المسألة مختلف فيها، فلا يصلح الحمل عليها؛ لأنه لا جهل، ولا استهانة عند القائل بالجواز.

[قلنا]: يصلح أن يحمل عَلَى صورة اتفاقية، كبيعها فِي حال حملها، فإنه حرام بالإجماع. [الثالث]: وهو منْ نمط الذي قبله، قَالَ النوويّ: لا يختص شراء الولد أمه بأمهات الأولاد، بل يُتصور فِي غيرهن، بأن تلد الأمة حرا منْ غير سيدها، بوطء شبهة، أو رقيقا بنكاح، أو زنا، ثم تباع الأمة فِي الصورتين بيعا صحيحا، وتدور فِي الأيدي، حَتَّى يشتريها ابنها، أو ابنتها، ولا يعكُر عَلَى هَذَا تفسير محمد بن بشر، بأن المراد السراري؛ لأنه تخصيص بغير دليل.

[الرابع]: أن يكثر العقوق فِي الأولاد، فيعامل الولد أمه، معاملة السيد أمته، منْ الإهانة بالسب، والضرب، والاستخدام، فأطلق عليه ربها مجازا لذلك، أو المراد بالرب المربي، فيكون حقيقة.

قَالَ الحافظ: وهذا أَوْجَهُ الأَوْجُه عندي؛ لعمومه، ولأن المقام يدلّ عَلَى أن المراد حالة، تكون مع كونها تدل عَلَى فساد الأحوال، مستغربةَ.

ومُحَصَّله الإشارة إلى أن الساعة، يقرب قيامها عند انعكاس الأمور، بحيث يصير الْمُرَبَّى مُرَبيًا، والسافل عاليا، وهو مناسب لقوله فِي العلامة الأخرى: "أن تصير الحفاة ملوك الأرض".

(تنبيهان):

[أحدهما]: قَالَ النوويّ: ليس فيه دليل عَلَى تحريم بيع أمهات الأولاد، ولا عَلَى جوازه، وَقَدْ غَلِطَ مَنِ استَدَلَّ به لكلٍّ منْ الأمرين؛ لأن الشيء إذا جُعل علامةً عَلَى شيء آخر، لا يدلّ عَلَى حظر، ولا إباحة.

[الثاني]: يُجمَع بين ما فِي هَذَا الْحَدِيث، منْ إطلاق الرب عَلَى السيد المالك، فِي قوله: "ربها"، وبين ما فِي الْحَدِيث الآخر، وهو فِي "الصحيح": "لا يَقُل أحدكم: أطعم ربك، وَضِّئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي، ومولاي"، بأن اللفظ هنا خرج عَلَى سبيل المبالغة، أو المراد بالرب هنا المربي، وفي المنهي عنه السيد، أو أن النهي عنه متأخر، أو مختص بغير الرسول -صلى الله عليه وسلم-. انتهى "فتح" ١/ ١٦٧ - ١٦٨. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): قَالَ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فِي "العقيدة الواسطيّة": وتؤمن الفرقة الناجية منْ أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشرّه، والإيمان بالقدر عَلَى