٥ - (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ) الأسلميّ، أبي سهل المروزيّ، قاضيها، ثقة [٣] مات سنة (١٠٥) وقيل (١١٥) وله مائة سنة، تقدم فِي ٢٥/ ٣٩٣.
٦ - (أبوه) بُريدة بن الْحُصَيب -بمهملتين، مصغّرًا- أبو عبد الله الأسلميّ، وقيل: غير ذلك فِي كنيته، صحابيّ أسلم قبل بدر، ومات -رضي الله عنه- سنة (٦٣) وتقدم فِي ١٠١/ ١٣٣. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ سداسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، ورواية الابن عن أبيه. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ) بريدة بن الْحُصيب رضي الله تعالى عنه (أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أَخِي، قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ) أي بعد أن اعترف، ويحتمل أنه أوحي إليه بذلك (كَمَا قَتَلَ أَخَاكَ"، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ) أي قَالَ الرجل القاتل لأخي المقتول (اتَّقِ اللَّهَ، وَاعْفُ عَنِّي، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأَجْرِكَ) أي لأنه سبحانه وتعالى يقول: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} الآية [الشورى: ٤٠](وَخَيْرٌ لَكَ) أي بسبب عفوك لي (وَلِأَخِيكَ) أي بسبب قتلي له؛ لأن منْ قُتل ظلمًا تكفّر خطاياه (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) منصوب عَلَى الظرفيّة، متعلّقٌ بـ"خير"، ويحتمل أن يتعلّق بـ"أعظم" أيضًا عَلَى سبيل التنازع (قَالَ) بريدة -رضي الله عنه- (فَخَلَّى عَنْهُ) أي تركه (قَالَ) بُريدة -رضي الله عنه- (فَأُخْبِرَ) بالبناء للمفعول (النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَسَأَلَهُ) أي سأل -صلى الله عليه وسلم- وليّ المقتول عن سبب تخليه عنه (فَأَخْبَرَهُ) الوليّ (بِمَا قَالَ لَهُ) القاتل، منْ ترغيبه له فِي العفو، وترك قتله (قَالَ) بُريدة (فَأَعْنَفَهُ) أي لام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- القاتل، وعاتبه، قَالَ ابن منظور: التعنيف: التوبيخ، والتقريع، واللوم: يقال: أعنفه، وعنّفه. انتهى.
والمعنى: أنه -صلى الله عليه وسلم- لام ذلك القاتل فِي طلبه العفو منْ وليّ المقتول، وبيّن له أن قتله قصاصًا خير له منْ ذلك عند الله، كما أوضح ذلك بقوله (أَمَا) أداة استفتاح، وتنبيه (إِنَّهُ) أي إن قتله لك قصاصًا (كَانَ خَيْرًا مِمَّا هُوَ) أي المقتول (صَانِعٌ بكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) حيث (يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا) القاتل (فِيمَ قَتَلَنِي؟) أي بأيّ سبب قتلني، فـ "فِي" هنا سببيّة، كما فِي حديث: "دخلت امرأةٌ النار فِي هرّة حبستها" الْحَدِيث.
وهذا الْحَدِيث يدلّ عَلَى أن قتل القاتل قصاصًا خيرٌ له منْ العفو، قَالَ السنديّ رحمه