للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتُعُقّب بأنه لو كَانَ المعنى ما ذكر، لكان الحال باقيا فِي التأميل المذكور، عند رده عليه البعير المذكور، والثمن معا.

وأجيب بأن حالة السفر غالبا تقتضي قلة الشيء، بخلاف حالة الحضر، فلا مبالاة عند التوسعة منْ طمع الآمل.

قَالَ الحافظ: وأقوى هذه الوجوه فِي نظري، ما تقدم نقله عن الإسماعيلي، منْ أنه وَعْدٌ حَلَّ محل الشرط.

وأبدى السُّهَيلي فِي قصة جابر -رضي الله عنه- مناسبة لطيفة، غير ما ذكره الإسماعيلي، مُلَخَّصها: أنه -صلى الله عليه وسلم-، لَمّا أخبر جابرا بعد قتل أبيه بأحد، أن الله أحياه، وَقَالَ: ما تشتهي فأزيدك؟، أكد -صلى الله عليه وسلم- الخبر بما يشتهيه، فاشترى منه الجمل، وهو مطيته بثمن معلوم، ثم وَفّر عليه الجمل والثمن، وزاده عَلَى الثمن، كما اشترى الله منْ المؤمنين أنفسهم، بثمن هو الجنة، ثم رَدَّ عليهم أنفسهم، وزادهم، كما قَالَ الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]. انتهى ملخّصًا منْ "الفتح" ٥/ ٦٦١ - ٦٦٣. وهو بحث نفيس جدًّا، وحاصله ترجيح الاشتراط لجابر -رضي الله عنه- ليركب جمله إلى المدينة، كما صنع ذلك إمام أهل هذه الصناعة البخاريّ رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): فِي بيان اختلاف الروايات فِي مقدار ثمن الجمل:

قد أشار البخاريّ أيضًا فِي كلامه السابق إلى هَذَا الاختلاف، وحاصل الاختلاف عنده: أوقية، وهي رواية الأكثر، كما أشار إليه البخاريّ، وأربعة دنانير، وهي لا تخالفها كما تقدم، وأوقية الذهب، وأربع أواق، وخمس أواق، ومائتا درهم، وعشرون دينارا، هَذَا ما ذكر البخاريّ.

ووقع عند أحمد، والبزار، منْ رواية علي بن زيد، عن أبي المتوكل: ثلاثة عشر دينارا، وَقَدْ جمع عياض وغيره، بين هذه الروايات، فَقَالَ: سبب الاختلاف أنهم رووا بالمعنى، والمراد أوقيةُ الذهب، والأربعُ أواق، والخمسُ بقدر ثمن الأوقية الذهب، والأربعة دنانير، مع العشرين دينارا، محمولة عَلَى اختلاف الوزن والعدد، وكذلك رواية الأربعين درهما، مع المائتي درهم، قَالَ: وكأن الإخبار بالفضة عما وقع عليه العقد، وبالذهب عما حصل به الوفاء، أو بالعكس. انتهى، ملخصًا.

وَقَالَ الداودي: المراد أوقية ذهب، ويُحمَل عليها قول منْ أطلق، ومن قَالَ: خمس أواق، أو أربع، أراد منْ فضة، وقيمتها يومئذ أوقية ذهب، قَالَ: ويحتمل أن يكون سبب الاختلاف، ما وقع منْ الزيادة عَلَى الأوقية، قَالَ الحافظ: ولا يخفى ما فيه منْ