الله -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ الله سبحانه وتعالى:{وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[الأعراف: ١٥٨]، وَقَالَ عز وجل:{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}[النور: ٥٤]، وَقَالَ تعالى:{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: ١٥٧]. اللَّهم أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، آمين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الحادية عشرة): أن ظاهره أنه لا خيار فيما إذا لم يقصد البائع التصرية، بل ترك الحلب، ناسيًا، أو لشغل عرض له، أو تصرّت هي بنفسها؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التصرية لأجل البيع، ثم ذكر أن منْ اشترى ما هو بهذه الصفة تخيّر، وهذه الصورة المذكورة لم يقع فيها تصرية لأجل البيع، وبهذا جزم الغزاليّ، وتبعه عبد الغفّار القزوينيّ فِي "الحاوي الصغير"، وحكى البغويّ فيها وجهين، وصحح ثبوت الخيار لحصول الضرر للمشتري، وإن لم يقصد البائع التدليس. قاله فِي "الطرح".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما صححه البغويّ أرجح؛ نظرًا لتضرّر المشتري. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية عشرة): ظاهر الْحَدِيث أنه إذا تبيّن للمشتري التصرية، لكن درّ اللبن عَلَى الحدّ الذي أشعرت به التصرية، واستمرّ كذلك، ثبت له الخيار؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أطلق ثبوت الخيار، ولم يفصّل، لكن تغير الحال عما كَانَ عليه، وصيرورتها ذات لبن غزير بعد أن لم تكن كذلك قبل التصرية صورة نادرة، فيظهر أنها مرادة منْ العموم، فلا خيار فيها، وفي المسألة وجهان للشافعية، قَالَ ولي الدين: وينبغي بناؤهما عَلَى أن الْفَرَع النادر هل يدخل فِي العموم، أم لا؟، والصحيح فِي الأصول دخوله، لكن شبّه أصحابنا الوجهين بالوجهين فيما إذا لم يعرف العيب القديم إلا بعد زواله، وبالقولين فيما لو عتقت الأمة تحت عبد، ولم تعلم عتقها حَتَّى عتق العبد، ومقتضى التشبيه تصحيح أنه لا خيار له، كما هو الصحيح فِي تينك الصورتين. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عدم ثبوت الخيار هو الذي يظهر لي؛ لأنه إنما شُرع دفعًا للضرر، وَقَدْ زال. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة عشرة): قَالَ ولي الدين رحمه الله تعالى: أخذ أصحابنا منْ ثبوت الخيار فِي المصرّاة ثبوت الخيار فِي كلّ موضع حصل فيه تدليسٌ، وتغرير منْ البائع، كما لو حبس ماء القناة، أو الرحى، ثم أرسله عند البيع، أو الإجارة، فظنّ المشتري كثرته، ثم تبيّن له الحال، أو حمّر وجه الجارية، أو سوّد شعرها، أو جعّده، أو أرسل الزنبور عَلَى وجهها، فظنها المشتري سمينة، ثم بأن خلافه، فله الخيار فِي هذه الصور