للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالوجهين فِي خيار الشرط، ومقتضى ذلك أن الراجح أن ابتداءها منْ العقد، وَقَالَ الحنابلة: إن ابتداءها منْ حين تبّينت التصرية. قاله فِي "الطرح" ٦/ ٧٩.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الحنابلة هو الأرجح عندي؛ لموافقته لظاهر الْحَدِيث، حيث رتّب ثبوت الخيار بما بعد الحلب، وهو معنى تبيّن التصرية، فافهم. والله تعالى أعلم.

قَالَ الحافظ وليّ الدين رحمه الله تعالى: رتّب الشافعيّة عَلَى القول بامتداد الخيار ثلاثة أيام فروعًا: [منها]: أنه لو عرف التصرية قبل ثلاثة أيام امتدّ الخيار إلى آخر الثلاثة فقط. [ومنها]: أنه لو عرف التصرية فِي آخر الثلاثة، أو بعدها، فلا خيار عَلَى القول بأن مدّته ثلاثة أيام؛ لامتناع مجاوزة الثلاثة. [ومنها]: أنه لو اشترى عالمًا بالتصرية، ثبت له الخيار ثلاثة أيام، وأما عَلَى القول بأنه عَلَى الفور، فلا يختلف الحكم فِي الفرعين الأولين، ولا خيار فِي الثالث، كسائر العيوب. قَالَ وليّ الدين رحمه الله: وفيما ذكره أصحابنا فِي هذه الفروع نظر، والظاهر أن الشارع إنما اعتبر المدّة منْ حين معرفة سبب الخيار، وإلا كَانَ يلزم أن يكون الفور متّصلًا بالعقد، ولو لم يعلم به لخيف أنه إذا تأخّر علمه به عن العقد، فات الخيار، وهذا لا يمكن القول به، ويلزم عَلَى ما ذكروه أن يكون الفور أوسع منْ ثلاث فِي الْفَرَع الثاني، وهو بعيد، ويلزم عليه أيضًا أن تُحسب المدة قبل التمكن منْ الفسخ، وذلك يفوّت مقصود التوسيع بالمدّة، ويؤدّي إلى نقصانها فيما إذا لم يعلم به إلا بعد مضيّ بعضها، وهذا مما يقوّي مذهب الحنابلة فِي ذلك، وهو عندي أظهر، وأوفق للحديث، وللمعنى. والله أعلم انتهى "طرح" ٦/ ٧٩.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هذ الذي قاله الحافظ ولي الدين رحمه الله تعالى، منْ ترجيح مذهب الحنابلة؛ لموافقته ظاهر النصّ، إنصاف منه رحمه الله تعالى، وياليت جميع أتباع المذاهب سلكوا هَذَا المسلك؛ فإنه عين اتّباع الحقّ، والحقّ أحقّ أن يتبع، لكننا نرى العجب العجاب، حينما يبذل متأخروهم -إلا منْ عصمه الله- قصارى جهدهم فِي الدفاع عن مذهبهم، إذا خالف النصوص بالتأويلات الزائفة، والتكلّفات الباردة، فإن لله وإنا إليه راجعون.

فيا أيها المسلم الحريص عَلَى دينه، أتبع الحقّ، فكن غيورًا عَلَى النصوص، وابذل جهدك فِي الدفاع عنها، وإن أدّى ذلك إلى مخالفة رأي إمامك، فإنك مسئوول عن الكتاب والسنّة، لا عن آراء الرجال، وآراهم إنما تطلب للاستعانة بها عَلَى فهمهما فقط، فأيّ استعانة إذا خالفتهما؟.

وبالجملة فليس هناك أحد أوجب الله اتباعه، وأناط الهدى والفلاح به، إلا رسول