[تنبيه]: قوله. "أخبرنا الإمام أبو عبد الرحمن الخ": هَذَا ملحق منْ بعض الرواة عن المصنّف رحمه الله تعالى، والظاهر أنه الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق بن السنّي (ت ٣٦٤ هـ) رحمه الله تعالى، لأنه الذي اشتهر برواية "السنن الصغرى" عنه. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَن عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ) رضي الله تعالى عنه، وسيأتي فِي -٧/ ٤٢٧٢ - منْ طريق سعيد ابن مسروق، عن الشعبيّ، عن عديّ بن حاتم، وكان لنا جارًا، ودخِيلًا، ورَبيطًا بالنهرين … " الحديث. وفي ٢٢/ ٤٣٠٨ - منْ طريق عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبيّ، قَالَ: سمعت عديّ بن حاتم … " الحديث.
(أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الصَّيْدِ؟) أي عن حكم الصيد، وسيأتي نصّ سؤاله قريبًا أنه قَالَ: قلت: يا رسول الله، أُرْسِلُ كلابي المعلّمة، فيُمسكن عليّ، أفآكل؟ "، وله صيغ أخرى فِي السؤال ستأتي، إن شاء الله تعالى (فَقَالَ) صلّى الله تعالى عليه وسلم (إِذَا أَرْسَلْتَ) أي أردت إرسال (كَلْبكَ) أي المعلّم، لما فِي الرواية الآتية: "إذا أرسلت كلبك المعلّم … ". والمُراد بِالمُعلَّم هو الَّذي إِذَا أغْراهُ صاحِبِهُ عَلَى الصَّيْد طَلبه، وإذَا زَجَرَه انْزَجَرَ، وإذا أخذ الصَّيْد حَبَسهُ عَلَى صاحِبِه، وهذا الثَّالِث مُخْتلف فِي اشْتِراطه، وسيأتي تمام البحث فيه فِي المسألة السابعة، إن شاء الله تعالى.
(فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ) أي الكلب، أو الصيد (لَمْ يَقْتُلْ) بالبناء للفاعل: أي إن أدركت الكلب لم يقتل الصيد، أو أدركت الصيد لم يقتله الكلبُ، والجملة فِي
محل نصب عَلَى الحال (فَاذْبَحْ) أي الصيد، أي إن أردت أحله، فاذبحه وجوبًا (وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) أي لا تكتف بالتسمية السابقة عبد إرسال الكلب (وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ) بالبناء للفاعل، والضمير للكلب، ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول، والضمير للصيد (وَلَمْ يَأْكُلْ) أي لم يأكل الكلب منْ ذلك الصيد الذي قتله (فَكُلْ، فَقَدْ أَمْسَكَهُ) الفاء للتعليل، لأنه أمسكه (عَلَيْكَ) أي لأجلك، فـ"عَلَى" بمعنى اللام (فَإِنْ وَجَدْتَهُ قَدْ أَكَلَ مِنْهُ، فَلَا تَطْعَمْ) بفتح العين المهملة، منْ باب تَعِب طَعْمًا -بفتح، فسكون-: أي لا تأكل (مِنْهُ شَيْئًا) وبهذا أخذ الجمهور، خلافًا لمالك، وسيأتي تحقيق الخلاف، إن شاء الله تعالى (فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ) هذه الجملة تعليل للنهي عن الأكل، أي إنما أمسك الصيد لأجل نفسه، لا لك، وشرط الحلّ أن يُمسك عليك. قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: معناه: أن الله تعالى قَالَ: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} الآية [المائدة: ٤]، فإنما أباحه بشرط أن نعلم أنه أمسك علينا، وإذا أكل منه لم نعلم أنه أمسك لنا، أم لنفسه،