للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأولى، وأنّ في كلّ نومة عرضت طاثفة من الغزاة.

وأما قول أمّ حرام: "ادع اللَّه أن يجعلني منهم" في الثانية، فلظنّها أن الثانية تساوي الأولى في المرتبة، فسألت ثانيًا ليتضاعف لها الأجر، لا أنها شكّت في إجابة دعاء النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لها في المرّة الأولى، وفي جزمه بذلك.

قال الحافظ: لا تنافي بين إجابة دعائه، وجزمه بأنها من الأولين، وبين سؤالها أن تكون من الآخرين؛ لأنه لم يقع التصريح لها أنها تموت قبل زمان الغزوة الثانية، فجوّزت أنها تدركها، فتغزو معهم، ويحصل لها أجر الفريقين، فأعلمها أنها لا تدرك زمان الفترة الثانية، فكان كما قال - صلى اللَّه عليه وسلم - (١).

(فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ) وفي رواية الليث: "فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيًا أوّل ما ركب المسلمون البحر مع معاوية"، وفي رواية حمّاد: "فتزوّج بها عبادة، فخرج بها إلى الغزو"، وفي رواية أبي طوالة: "فتزوّجت عبادة، فركبت البحر مع بنت قرظة"، وكانت تللث الغزوة في سنة ثمان وعشرين، وكان ذلك في خلافة عثمان ومعاوية يومئذ أمير الشام، وظاهر سياق الخبر يوهم أن ذلك كان في خلافته، وليس كذلك.

قال الحافظ: وقد اغترّ بظاهره بعض الناس، فَوَهِمَ، فإن القصّة إنما وردت في حقّ أوّل من يغزو في البحر، وكان عمر ينهى عن ركوب البحر، فلما ولي عثمان استأذنه معاوية في الغزو في البحر، فأذن له. ونقله أبو جعفر الطبريّ عن عبد الرحمن بن يزيد ابن أسلم، ويكفي في الردّ عليه التصريح في "الصحيح" بأن ذلك كان أوّل ما غزا المسلمون في البحر. ونقل أيضًا من طريق خالد بن معدان قال: "أول من غزا البحر معاوية في زمن عثمان، وكان استأذن عمر، فلم يأذن له، فلم يزل بعثمان حتى أذن له، وقال: لا تنتخب أحدًا، بل من اختار الغزو فيه طائعًا، فأعنه، ففعل". وقال خليفة بن خياط في "تاريخه" في حوادث سنة ثمان وعشرين: وفيها غزا معاوية البحر، ومعه امرأته فاختة بنت قرظة، ومع عبادة بن الصامت امرأته أمّ حرام. وأرّخها في سنة ثمان وعشرين غير واحد، وبه جزم ابن أبي حاتم، وأرّخها يعقوب بن سفيان في المحرّم سنة سبع وعشرين، قال: كانت غَزَاة قبرس (٢) الأولى.

وأخرج الطبريّ من طريق الواقديّ أن معاوية غزا الروم في خلافة عثمان، فصالح


(١) - "فتح" ١٢/ ٣٤٧ - ٣٤٨.
(٢) - قُبْرُس بضم القاف، وسكون الموحدة، وضم الراء، آخره سين مهملة: جزيرة عظيمة للروم، بها تُوُفّيت أم حرام بنت ملحان. أفاده في "القاموس".