- صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي رواية أحمد بن محمد بن جعفر المذكورة:"قال عليّ: وجدت فاطمة قد نضحت البيت بنَضُوح، قال: فتخطّيته، فقالت لي: مالك؟، فإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد أمر أصحابه، فأحلّوا، قال: قلت: إني أهللتُ بإهلال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: فأتيت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال لي: "كيف صنعتَ؟ … "، و"النضوح" بفتح النون: ضرب من الطيب تفوح رائحته (فَقَالَ: لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "كَيفَ صَنَعْتَ؟ ") أي في إحرامك، وفي حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه -: "ماذا قلت، حين فرضت الحجّ؟ "، قال: قلت: اللهمّ إني أُهلّ بما أهلّ به رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "فإن معي الهدي، فلا تحلل … " (قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بإِهْلَالِكَ، قَالَ: "فَإنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ، وَقَرَنْتُ") أي جمعت بين الحجّ والعمرة، وقد علّق عَليّ - رضي اللَّه عنه - إحرامه بإحرامه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأمره بالبقاء على إحرامه قارنًا، كما بقي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على إحرامه.
وقال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذا وأمثاله من أقوى الأدلّة على أنه كان قارنًا؛ لأنه مستند إلى قوله، والرجوع إلى قوله عند الاختلاف هو الواجب خصوصًا؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩]، وعمومًا؛ لأن الكلام إذا كان في حال أحد، وحصل فيه الاختلاف يجب الرجوع فيه إلى قوله؛ لأنه أدرى بحاله، وما أسند أحد ممن قال بخلافه إلى قوله، فتعيّن القران. واللَّه تعالى أعلم انتهى (١).
(قَالَ) البراء - رضي اللَّه تعالى عنه - (وَقَالَ - صلى اللَّه عليه وسلم - لِأَصْحَابِهِ) حين شق عليهم أمره لهم بالتحلل عن إحرام الحجّ بعمل العمرة ("لَوِ اسْتَقبَلْتُ مِنْ أَمْرِي، مَا اسْتَدْبَرْتُ لَفَعَلْتُ، كَمَا فَعَلْتُمْ) أي من عدم سوق الهدي، والتحلل بأداء العمرة (وَلَكِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ، وَقَرَنْتُ) أي فلا أحلّ حتى يبلغ الهدي محله، وهو يوم النحر بعد أداء الحجّ.
زاد في رواية أبي داود: قال: فقال لي: "انحر من البدن سبعًا وستين، أو ستا وستين، وأمسك لنفسك ثلاثا وثلاثين، أو أربعا وثلاثين، وأمسك لي من كلّ بدنة منها بضعة".
وفي حديث جابر - رضي اللَّه عنه - المتقدّم:"وكان جماعة الهدي الذي قدم به عليّ من اليمن، والذي أتى به النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من المدينة مائة".
وظاهر حديث أبي داود أن عليا - رضي اللَّه عنه - نحر سبعا وستين، أو ستا وستين، ولكن في حديث جابر - رضي اللَّه عنه - المتقدّم:"ثم انصرف رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى المنحر، فنحر بيده ثلاثا وستين، وأمر عليا، فنحر ما غير، يقول: ما بقي".